اقرأ في هذا المقال
كيف كانت الملاحة للطائرات قبل استعمال الـGPS؟ جعلت إلكترونيات الطيران الحديثة من التنقل شيئًا سهلًا لدى أي طيار، حيث تعطي أجهزة الكمبيوتر إحداثيات دقيقة للطريق ومع ذلك، كيف كانت الطائرات تحلق قبل أن يكون نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) أداة ملاحة رئيسية؟ استعملت الطائرات طرقًا عديدة للتنقل قبل نظام تحديد المواقع العالمي (GPS)، بما في ذلك الاعتماد على الشمس والقمر والنجوم لتعيين مكانهم في الرحلة والحساب التقديري.
الملاحة الجوية
- عندما حلقت الطائرات في السماء لأول مرة في القرن العشرين، كانت الرحلات الجوية تستخدم المساعدات البصرية لجميع الأغراض الملاحية، مع القليل جدًا من الأجهزة ومع ذلك، ومع دخول الطائرات في الاستخدام العسكري، والطيران على ارتفاعات أعلى ومسافات أطول، أصبحت الملاحة الدقيقة ضرورية لأي رحلة.
- وبالطبع، يمكن للطائرات استخدام أجهزة الراديو على متنها للتواصل مع الأرض، وتلقي التعليمات من طاقم الأرض، على الرغم من أن هذا كان عمليًا أثناء الإقلاع والهبوط، إلا أن أجهزة الراديو كان لها نطاق محدود من حيث المسافة، وهذا يعني أن الاتصال أصبح مستحيلًا بمجرد أن كانت الطائرات على بعد بضع مئات من الأميال، بدلاً من ذلك استخدمت أطقم العمل عدة طرق يدوية لحساب مواقعهم.
- كانت الملاحة السماوية طريقة شائعة للعثور على موقع الطائرة، حيث يستخدم الملاحون أداة تسمى (bubble sextant) لحساب موقع الطائرة بالنسبة للشمس أو القمر أو النجوم، وتم استخدام هذه الطريقة حتى عصر الطائرات النفاثة في الستينيات، مع وجود منفذ لها في سقف قمرة القيادة.
- وكان الحساب التقديري (Dead reckoning) طريقة ملاحة أخرى شائعة في الرحلات الطويلة، وباستعمال هذه العملية، يستخدم الملاحون المواقع المعروفة سابقًا لتقدير الموقع الحالي للطائرة باستخدام السرعة ووقت الرحلة، في حين أن الطقس قد يعيق هذه التقديرات، إلا أنها كانت طريقة دقيقة نسبيًا لحساب موقع الطائرة.
- ولتوفير معلومات أفضل أثناء الطيران، تستخدم القواعد الأرضية نظامًا يُعرف باسم الملاحة طويلة المدى (LORAN)، حيث يرسل اثنان من أجهزة الإرسال اللاسلكية الأرضية لبعضهما البعض إشارات أخرى في فترة زمنية محددة، مما يسمح للملاحين بالطائرة باستخدام فارق التوقيت للعثور على موقعهم الدقيق، على الرغم من أن هذا كان حلاً مثاليًا، إلا أن اضطرابات الطقس والتردد يمكن أن تشوه الإرسال بسهولة، مما يترك الطاقم مع بيانات غير قابلة للقراءة.
الملاحة الجوية للطائرات التجارية
ظلت الطائرات تحلق تجاريًا منذ عقود، لكن نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) لم يدخل حيز الاستخدام النشط إلا في العقدين الماضيين، قبل استخدام نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) كما نعرفه، كان لدى الطائرات عدد من الأدوات الأخرى تحت تصرفها، وأسطح الطيران وكانت تستخدم في السابق ملاحين على متنها، والملاح هو شخص مخصص لتتبع مسار الطائرة والاتصالات اللاسلكية
ويتم أخذه في الرحلة بشكل أساسي خصوصًا في الرحلات الطويلة فوق المحيط، حيث يمكن فقد الاتصال بالرادار، وتوافر عدد أقل من مطارات التحويل، ولقد أدت إلكترونيات الطيران الحديثة لتقليل أفراد طاقم الطائرة، حيث لم تعد الحاجة إلى هؤلاء الملاحين الآن في الرحلات التجارية، ومن المثير للاهتمام أن طائرة الرئاسة، وهي طائرة بوينغ 747-200 معدلة، لا تزال تحتوي على ملاح في قمرة القيادة بسبب عمر الطائرة.
وهي لا تزال واحدة من آخر الطائرات التجارية التي تمتلك ملاحًا، على الرغم من أن بعض الطائرات العسكرية لا تزال تستعمل الملاحين أيضًا، وقبل عصر الطائرات النفاثة، استخدمت بعض الطائرات نظامًا لاسلكيًا يُعرف باسم النطاق متعدد الاتجاهات عالي التردد (VOR) في هذا النظام، ستتلقى الطائرات اتصالات من منارات أرضية ثابتة، مما يسمح لها بمواصلة مسار طيرانها والعثور على موقعها.
وكانت طريقة الملاحة هذه موثوقة تمامًا في المناطق ذات التغطية الراديوية واستمر استعمالها حتى أصبح نظام تحديد المواقع العالمي هو القاعدة، وتميزت بداية عصر الطائرات النفاثة أيضًا بإدخال طريقة ملاحة جديدة: وهي أنظمة الملاحة بالقصور الذاتي (INS)، حيث تخلص هذا النظام تدريجيًا من الأنظمة القديمة، بالاعتماد على أجهزة استشعار الحركة والدوران شديدة الحساسية بدلاً من ذلك.
وكان هذا بمثابة أول استخدام لأجهزة استشعار الملاحة المحوسبة جزئيًا، وهو اتجاه سيستمر حتى يصبح نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) قياسيًا في جميع الرحلات الجوية، كما جعلت أنظمة (INS) ملاحي الطائرات في الغالب زائدين عن الحاجة، وهذا هو السبب في عدم وجود مقعد ملاح في الطائرات الحديثة، وأحدث إدخال نظام الملاحة بالقصور الذاتي ثورة في الملاحة الجوية، مما سمح للطيارين باتباع مسارات طيران محددة بناءً على مواقعهم الحالية وإخراج التخمين والتقدير من الحسابات.
ظهور نظام تحديد المواقع العالمي
بدأ تشغيل نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) أو نظام تحديد المواقع العالمي بشكل جيد قبل أن يصبح دعامة أساسية في جميع مقصورات القيادة والأجهزة المحمولة، حيث تم إنشاء نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) في البداية للأغراض العسكرية فقط، وبدأ المشروع في عام 1973 وتم إطلاق أول قمر صناعي في عام 1978.
ومع ذلك، في عام 1983 وقع الرئيس رونالد ريغان أمرًا تنفيذيًا يسمح لطائرات الركاب باستخدام النظام بمجرد تشغيلها بالكامل، وكان سبب السماح باستخدام نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) للاستعمال التجاري بسبب تحطم الخطوط الجوية الكورية الأخيرة في عام 1983، حيث تحطمت بعد أن أسقطتها طائرة مقاتلة سوفيتية بسبب دخول الطائرة عن طريق الخطأ المجال الجوي السوفيتي.
وردا على الحادث، أذنت الولايات المتحدة باستخدام (GPS) للرحلات الجوية لتوفير تنقل أكثر دقة، وفي فبراير 1994 ، أذنت إدارة الطيران الفيدرالية (FAA) باستخدام (GPS) على الطائرات، وإعداد الجيل التالي من الملاحة الجوية، وبعد فترة وجيزة، أصبح هذا النظام متاحًا للأجهزة المحمولة أيضًا، وهو ما يجعل خرائط (Google) وبرامج تتبع الرحلات تعمل.
نظام الملاحة المستخدم في الرحلات الطويلة اليوم
النظام المرجعي بالقصور الذاتي (IRS) هو النظام الملاحي الأساسي في الطائرة اليوم، حيث لا تحتاج عملية الاكتفاء الذاتي إلى أي مدخلات خارجية لمعرفة مكانها عبر السماء، ولا يتكون من أي تسوية فيزيائية ويستخدم خوارزميات رياضية للتأكد من أن مقاييس التسارع تتماشى باستمرار مع الأفق.
لقد قطعت الملاحة الجوية شوطًا طويلاً بدءًا من الطيارين الذين يسافرون مع القليل من المعلومات إلى وجود كل شيء على الشاشة أمامهم، بينما اختفت طرق الملاحة القديمة من قمرة القيادة، لا يزال الطيارون يتعلمون العديد عنها، حيث يستمر تدريس الحساب التقديري لهم حتى لو طارت الطائرات باستخدام نظام تحديد المواقع العالمي (GPS).
والسبب بهذا أن التكنولوجيا يمكن أن تفشل، مما يجبر الطيارين على إدارة الطائرة يدويًا، وتستمر الملاحة الجوية في التطور حتى اليوم، حيث تعمل الشركات بالفعل على تطوير الجيل التالي من التكنولوجيا للسماح برحلات مستقلة، وسيكون هناك بلا شك تحولات كبيرة في هذا المجال على مدى العقد المقبل.
ملاحظة: “FAA” اختصار لـ “Federal Aviation Administration“.
ملاحظة: “GPS” اختصار لـ “Global Positioning System”.
ملاحظة: “IRS” اختصار لـ “Inertial Reference System”.