كانت مدينة مستغانم مقسمة إلى ثلاثة محاور، حيث يضم المركز الأول قلب المدينة وهو المسجد ومقر الحكم والسوق المركزي، أما المحور الثاني فيضم المساكن والأحياء والشوارع والحمامات، والمحور الثالث يضم الأبراج والحصون والأسوار.
وتجد الإشارة إلى أن هذه المحاور الثلاثة موزعة على حييّن سكنيين يفصلهما عن بعضهما وادي عين الصفراء، حيث يعرف أحدهما بحي الطبانة الذي يضم كل بقايا المدينة القديمة (النواة المركزية) ويقع في الجهة الغربية للوادي، حيث إن ذلك له ما يبرره، إذ أن المدينة محاطة من الشرق بوادي عين الصفراء ومن الشمال والغرب بالبحر، وهي بذلك محصنة طبيعياً، حيث حددت طبيعة موقعها اتجاه التوسع العمراني بها الذي هو اتجاه طولي من الشمال إلى الجنوب.
ويشمل حي الطبانة على النواة المركزية للمدينة، والتي تضم المسجد الجامع الذي بناه أبو الحسن المريني سنة 742 هجري، هذا ولم تذكر المصادر والمراجع أي جامع بناه الأتراك بالمدينة، وهذا ما فادنا إلى افتراض احتمالين إما أن الأتراك بنو مسجداً جامعاً بالمدينة ثم هدمه بعد ذلك الفرنسيون، وهذا ما لم تشر إليه المراجع، وإما أن الأتراك استغلوا الجامع المريني ووسعوه.
تقسيم مدينة مستغانم في العهد العثماني:
أما سوق المدينة فقد كان محاذياً لوادي عين الصفراء من الجهة الغربية، فلم يكن بعيداً عن المسجد الجامع، وكان يعرف بسوق القرية، وللإشارة فإن موقع هذا السوق لا تزال تشغله بعض الحوانيت لبعض النشاطات المختلفة، ويظهر من خلال النصوص التاريخية أن حرقة النسيج كانت غالبة على بقية الحرف، حيث أشار إلى كثرة صناعها كل من الحسن الوزان ومارمول.
وأما مقر الحكم الذي جرت العادة أن يكون مجاور للمسجد الجامع فقد أشارت بعض النصوص التاريخية أنه كان يقع في حي الطباحة الذي تسكنه الطبقة الحاكمة الذي كان مقره دار القايد، هذا مع الإشارة أن مستغانم كانت في الفترة الممتدة ما بين 1145 هجري عاصمة لبايلك الغرب على عهد الباي مصطفى بوشلاغم، وكان من الطبيعي أن يكون مقر الحكم بالقرب من الجامع الكبير، ولا أدل على ذلك من أن القصر بناه محمد الكبير يقع بجوار هذا الأخير.
وللإشارة فإن هذا القصر لم يبق منه اليوم إلا بعض أسواره الخارجية التي تداخلت مع الإضافات التي قام بها الاحتلال الفرنسي على القصر عند تحويله إلى ثكنة عسكرية.