تعتبر مدينة قنا الميناء الرئيسي لمملكة حضرموت في اليمن القديم، أسس الميناء في القرن الثاني قبل الميلاد، وكان محطة تاريخية لتبادل السلع المختلفة مع المماليك المعاصرة له، أقدم ذكر لقنا جاء في التوارة، حيث ذكرت باسم كنة، وذكرت في كتاب دليل البحر الأريتري الذي يعود إلى النصف الثاني من القرن الأول للميلاد.
في عام 1957 ميلادي قام المهندس الإنجليزي (Brian Doe) بزيارة مستوطنة ميناء قنا، وعمل أو تخطيط طبوغرافي لها، نشره عام 1961 ميلادي، كما قام العالم الآثري الروسي سيرجي شيرنسكي في عام 1972 ميلادي بتنفيذ أول عمل تنقيب أثري تمهيدي في المنظقة، حيث تم تنظيف بقايا المعبد الذي يقع على سطح هضبة حصن الغراب.
وفي عام 1985 ميلادي قامت البعثة الأثرية اليمنية الروسية المشتركة بأعمال الحفر والتنقيب في مستوطنة قنا، ومن خلال الأعمال الأثرية المختلفة فيها تم التعرف على المدينة وتحديد المنطقة السكنية ومعبدين وبعض ورش الحرف والمخازن.
موقع مدينة قنا في اليمن:
تقع المدينة على سطح هضبة صغيرة في الجهة الغربية لخليج بير علي، وفي الجهة الشرقية من الهضبة يوجد جبل صخري مستوي يعرف بحصن الغراب، وأسفل حصن الغراب تقع خرائب المدينة والميناء، التي تتكون من عدد من المباني التي تزيد عن المائة، تضم المباني الإدارية والمستودعات والمخازن التجارية والمباني السكنية والدينية التي قُسّمت إلى أحياء مختلفة ومقابر.
التخطيط المعماري للمدينة:
لا يختلف تخطيط مدينة قنا عن المدن اليمنية القديمة، فالتخطيط المعماري أقيم على أساس وجود أحياء صغيرة مقسمة بالطريقة التقليدية إلى حارات متداخلة، تضم الأحياء الصناعية والتجارية والمساكن العامة، إلا أن هناك ميزة المدن الساحلية، وهي أن المدخل المؤدي إلى السوق يكون في الجهة المعاكسة للبحر (جهة البر).
نمط المباني السكنية وتوزيعها:
من خلال الأبحاث التي قامت بها البعثة الروسية وجد أن مباني مدينة قنا عبارة عن مباني برجية مربعة أو مستطيلة الشكل مع مدخل ضيق من جهة البحر، يفتح على رواق بطول المبنى ينتهي بدرج في الجهة المقابلة للمدخل ويؤدي إلى أدوار عليا، تتوزع على جانبيه الغرف بشكل متماثل، وخلافاً لعمارة حضرموت فقد استخدم الحجر البركاني الأسود (البازلت) بشكل أساسي مع مونة النورة في بناء مباني مدينة قنا، وما زالت آثارها باقية حتى اليوم.