سمات مساجد تلمسان:
تقع مساجد تلمسان في الجزائر، وإن اهم ما يميز مساجد تلمسان قبل العصر الحديث أمران، أولهما بناؤها في مرحلة واحدة، أي توفير جميع المرافق المعروفة في المساجد، وهي بذلك قد أنجزت بدون نقص، كما حدث للعمارة المساجدية الأولى، مثل مسجد الرسول (صلى الله عليه وسلم) ومسجد القيروان في تونس ومسجد قرطبة بالأندلس، لم يخضعوا للإضافات والزيادات الكبيرة من طرف الأمراء الآتين بعد الذين أمرو بإنشائها، إلا بعض الأجزاء البسيطة كوسائل التدعيم، والتي لا تغير من تخطيط المسجد في شيء.
وثانيهما هو امتيازها بوحدة التصميم والهيكل، وقد امتدت هذه الميزة إلى وقتنا الحاضر، وفي هذا دلالة ساطعة على تمسك الأهالي بأصالتهم الحضارية، كما أن هذه الوحدة في تصميم المساجد بهذه المنطقة بالذات قد شملت المساجد الصغيرة.
تصميم مساجد تلمسان:
بغض النظر عن حجم المسجد فإنه يتكون من قسمين رئيسيين هما: بيت الصلاة والصحن المحاط بالمجنبتين الملحقة ببيت الصلاة، واللتين كانتا في المساجد الأخرى منفصلتين عنه، ويتوقف عدد أساكيب المجنبتين تبعاً لسعة وضيق بيت الصلاة والصحن معاً، ففي المسجد الكبير توجد ثلاثة أساكيب في المجنبة الشرقية، وفي المجنبة الغربية أربعة منها، وأسكوب واحد في كلا المجنبتين في مسجد أبي مدين.
كما أن الأهمية التي استحوذت عليها البلاطة المواجهة للمحراب قد جعلت المرابطين يولونها عناية خاصة، ويتمثل ذلك في عدة اعتبارات، منها على وجه الخصوص ما يلي:
- أنهم جعلو البلاطات أعرض وزودوها بعقود حدوية مرتفعة ومنتفخة، ونظراً لزيادة انتفاخ الأقواس ازدانت حوافها بقويسات متجاوزة حتى لا تغطى هيكل المحراب الذي يتصدرها؛ ممّا ساعد على أن تكون كمية الإبهار الضوئي كبيرة جداً، بحيث يبدو المحراب كجوهرة متلألئة في النهار وفي الليل؛ وذلك لما للمحراب من قدسية خاصة عند المسلمين عامة ومن معانِ روحية يتعلق بها المسلم.
- إضافة إلى ذلك فقد أمكن هذا الاتساع للبلاطة بأن تمكّن المرابطون من بناء قبة المحراب ذات التخاريم الجصية الدقيقة، ومن بعدهم أضاف الزيانيون قبة موالية لها على نفس النمط ولكنها صماء البدن، وإن كانت أقل إتقاناً وجودة من حيث الزخرفة للقبة التي تتقدم المحراب، فضلاً عن عدم احتوائها على التخاريم الجصية التي ينفذ منها الضوء لتنوير بيت الصلاة وخاصة بلاط المحراب.