إن مسجد العسوسي هو أحد المساجد التي شيدت في المرحلة الأخيرة من العصر الحفصي، ويقع في المدينة القديمة بطرابلس، أوضح أحمد النائب الذي توفي في طرابلس في العقد الأخير من القرن الثالث عشر الهجري، وهو أحد أفراد عائلة العسوسي التي جاءت أصلاً من الأندلس في نهاية القرن السابع الهجري أن المسجد العسوسي قد شيده عبد العزيز بن محمد الأوسي الانصاري في الفترة الأخيرة من العصر الحفصي، قبل الاحتلال الإسباني لمدينة طرابلس في سنة 1510.
وذكر أحمد النائب أن مؤسس المسجد ترك طرابلس واستقر في غريان، حيث شيد مسجداً آخر حدث هذا بعد احتلال الإسبان لطرابلس ومكث عبد العزيز في غريان حتى وفاته هناك، أما ابنه أحمد الذي توفي في سنة 1023 هجري رجع إلى طرابلس عندما استولى عليها الأتراك في سنة 1551، هكذا يتضح أن تشييد مسجد العسوسي بطرابلس قد تم في الفترة الأخيرة في العصر الحفصي قبل احتلال الإسبان بطرابلس.
خصائص المسجد العسوسي في ليبيا:
المسجد الحالي يتكون من قاعة صلاة مربعة الشكل، أبعادها (7×7 متر) وصحن به رواق ومئذنة من نوع المئذنة السلم، بيت الصلاة مسقوف بأربعة قباب صغيرة محمولة على أربعة عقود يحملها عمود واحد ومن قطعة واحدة في وسط القاعة وترتكز العقود على دعامات ساندة ملتصقة في وسط كل جدار وكل قبة محمولة على منطقة الانتقال، التي تتكون من أربعة حنايا ركنية وأربعة عقود كاذبة في وسط الأضلاع الأربعة المحورية لمنطقة الانتقال.
وهذه العقود الكاذبة لها نفس الشكل والاتساع والارتفاع الذي عليه الحنايا الركنية الأربعة؛ من أجل الحصول على تماثل معماري وفني لمنطقة الانتقال، وهو المثمن الذي يحمل القبة ومنطقة الانتقال محصورة بين حليتين معماريتين بارزتين قليلاً عن السطح تسيران متوازيتين على طول أضلاع منطقة الانتقال لتأكيد تحديدها، كما أن منطقة المحراب قد حددت بحلية معمارية مشابهة.
إن الحالة الإنشائية التي عليها مسجد العسوسي الآن هي حالة جيدة جداً، ولا تعرف فيما إذا كان المسجد قد جدد أو أعيد بناؤه في فترة لاحقة على الأرجح هي الفترة العثمانية، هذا المسجد في الحقيقة يتبع مجموعة من المساجد المشابهة التي لها نفس الخصائص المعمارية الفنية والمعالجة الفراغية لبيت الصلاة، وإن أغلب هذه المساجد ترجع إلى النصف الثاني من القرن السابع عشر.