مسح أراضي الدولة الاستعمارية

اقرأ في هذا المقال


مسح الأراضي:

كانت الخرائط المبكرة للأميركتين بدائية بناءً على الملاحظة وتقريب المسافات، عندما أصبحت المستوطنات أكثر رسوخًا في العالم الجديد وازداد التنافس على الأرض بين الفرنسيين والإنجليزية والإسبانية، تحسنت أيضًا أساليب ودقة عمليات مسح الأراضي يتم الآن إجراء المسوحات ورسم الخرائط من قبل مساحين ورسامي خرائط محترفين، كانت هذه الخرائط عالية الجودة ذات قيمة لبلدانهم، حيث يمكنها تعزيز الموقع والمطالبات بالأراضي لكل دولة لها حصة في العالم الجديد.

حاول رسامو الخرائط والمساحون في أمريكا الاستعمارية استخدام الأساليب الأوروبية المعمول بها، لكن أحبطتهم البرية الشاسعة التي قدمها لهم العالم الجديد، فبدلاً من استخدام المزواة أداة المساح المستخدمة لتحديد موضع جسم سماوي في الأفق كعلامة قياس، اعتمد المساحون الاستعماريون بدلاً من ذلك على المحيط أو بوصلة المساح؛ لأنه كان أكثر قابلية للنقل وأكثر قابلية للاستخدام من المزواة الضخم والمرهق.

مع توغل المستوطنين في مناطق أبعد وتضخم عدد سكان المستعمرات، أصبحت هناك حاجة أكبر لمسوح وخرائط دقيقة، كان لابد من تعيين جميع أنواع الحدود والتحقق منها من قطع الأراضي الفردية إلى حدود المقاطعة والدولة إلى الحدود الرسمية بين المستعمرات الأوروبية المختلفة، ومن هذه الحاجة ظهرت مجموعة جديدة من المساحين ومالكي الأرض الاستعماري، لقد كانوا متعلمين وكانت أفضل طريقة لترسيخ ممتلكاتهم هي إجراء مسوحات دقيقة لمناطقهم الخاصة، فمن الأمثلة البارزة على مالك الأرض الذي تحول إلى مساح جورج واشنطن وتوماس جيفرسون.

مسح المستعمرات:

استخدمت المستعمرات الفردية أيضًا مساحين مستقلين للتحقق من مسوحات ملاك الأراضي، وكذلك إجراء مسوحات نيابة عن الحكومة، حيث أصبح منصب المساح العام مرغوبًا جدًا للعضو الصاعد في المجتمع الاستعماري خاصة في المدن الكبرى مثل نيويورك وفيلادلفيا.

وربما كان أشهر مثال للمسح في أمريكا المستعمرة قد قام به رجلان تم إحضارهما من إنجلترا لتسوية نزاع حدودي، تم إحضار تشارلز ماسون وجيرميا ديكسون للمسح وإضفاء الطابع الرسمي على الحدود بين بنسلفانيا وديلاوير، وكذلك إنهاء الخلافات حول الأرض بين بنسلفانيا وكالفرت ماريلاند.

لقد كان تخصص ميسون هو علم الفلك في حين المسح هو تخصص ديكسون ولم يكتفوا بجلب الخبرة والحيادية فحسب، بل جلبوا معهم أيضًا تقنية جديدة، حيث وجد قطاع الذروة الذي لاحظ مرور النجوم عبر خط الزوال بالقرب من القمة وساعة ميدانية جديدة أعارها إليها الفلكي الملكي لبريطانيا العظمى والتي كانت أكثر تقدمًا من أي شيء يمتلكه الأمريكيون، تم إنشاء الخط النهائي في 7 أكتوبر 1767 وكان طوله أكثر من 233 ميلاً، والأهم من ذلك أن التكنولوجيا والتقنيات الجديدة التي قدمها (Mason وDixon) للمساحين الأمريكيين ستغير وتحسن الأساليب التي استخدموها عند المسح.

عندما وصل المستوطنون والمساحون الأوائل إلى العالم الجديد لم يكن لديهم أي فكرة عن التحديات والتضاريس التي سيواجهونها في محاولة انتشال الأمة من البرية، لكن جهود رسامي الخرائط والمساحين الأوائل شكّلت الأمة التي نعرفها اليوم.

تنظيم الملكية العقارية في الجزائر:

كان تنظيم الملكية العقارية في الجزائر خلال فترة الاحتلال يهدف إلى السماح للمستعمر بوضع الملكية الجزائرية تدريجياً تحت النظام القانوني الفرنسي وتسهيل المعاملات لإيصال الأرض إلى الاحتلال، كما أن الإجراءات المنفذة لا تتعامل إلا مع هذه الأراضي، ذات القيمة الزراعية العالية، والتي تقع في السهول الشمالية ويستغلها المستوطنون، ويتم إكمالها عن طريق إعداد مخططات مجزأة عن طريق أساليب بيانية غير محددة وغير دقيقة.

حتى فيما يتعلق بالأراضي المشوهة والتزاماتها فقد أصبح وضعها القانوني غير واضح بسبب خلل في نظام الإعلان العقاري، وفي ظل عدم وجود مسح عام للأراضي والإعلان عن العقود المتعلقة بالممتلكات العقارية، بعد الاستقلال كان على الدولة الجزائرية المستقلة أولاً اتخاذ تدابير لحماية الممتلكات بشكل عام والممتلكات.

كما أن المزارع الشاغرة على وجه الخصوص للانتقال إلى مرحلة أخرى تتميز بالتطورات العقارية الجديدة من خلال تطبيق إجراءات الثورة الفلاحية، بحيث تتخذ الجزائر خطوة نحو إنشاء جرد عام للأراضي وتوضيح الوضع القانوني للجزائر، حيث إن العقار يشكل الأساس المادي والفني لإنشاء سجل عقاري يعكس الوضع القانوني للممتلكات العقارية..

كما يهدف مسح الأراضي كعملية مادية وتقنية إلى تشخيص جميع العقارات على أساس الآليات والإجراءات التي وضعها المشرع الجزائري 312 من خلال الوكالة الوطنية لمسح الأراضي ووثائق المسح المختلفة، وبالتالي يشكل أمرًا لا غنى عنه موسوعة في كل ما يتعلق بالعقار، وبالتالي فهو مكلف بمجموعة متنوعة من المهام لإنجازها، كما يشكل العمل المادي لمديرية التحقيق الأساس المتين الذي تقوم عليه المحافظة العقارية ببناء صرح السجل العقاري وضمان استقرار الملكية العقارية وغيرها من الحقوق العينية.


شارك المقالة: