مع النهضة العمارنية الهائلة التي شهدتها المملكة، كان حرص المسؤولين على الاستفادة الكاملة من التقنيات الحديثة وتطويعها لخدمة هذه النهضة لتقديم عمارة معاصرة ذات أصالة تحمل سمات وملامح عمارة الماضي بأسلوب معاصر ضمن حدود ومعطيات العصر، وبما يتفق مع تطلعات الإنسان المعاصر دون مساس أو تفريط في القيم والمبادئ المتعارف عليها.
وصف مشروع إسكان الحجاج بمشعر منى:
وكان من أبرز المشروعات في مكة المكرمة والذي يحمل هذا الفكر مشروع إسكان الحجاج بمشعر منى، والذي يضم أكبر تجمع إنساني في العالم ضمن مساحة محدودة تحيط بها مناطق جبلية وعرة، حيث يمثل ذلك مشكلة من أكبر المشكلات التي تواجه المملكة؛ نظراً لتواجد هذا العدد الهائل من الحجاج في وقت واحد وفي مكان محدد وما يقضي ذلك من حلول خاصة لإسكانهم.
ولما كان استخدام الخيام التقليدية (القطنية) يعرض الحاج للخطر، حيث حدث ذلك لأكثر من مرة، فقد رأت حكومة المملكة إيجاد حل يكفل الحماية للحجيج والمحافظة عليهم، ولهذا كان المشروع العملاق الذي نفذ باستخدام خيام غير قابلة للاحتراق، وفوق هذا فإن التصميم لا يخرج بالمكان عن روحه وطابعه وبصورة أكثر تركيزاً على المتطلبات الوظيفية والإنسانية والاجتماعية مع استعارة من سمات وملامح الخيمة التقليدية لإعطاء هوية وشخصية المكان.
وقد تم تصميم الخيام باستخدام وحدة مربعة تتكر في أسلوب نمطي بمقاس 8×8 م، مع ظهور نماذج ذات مساحات وأشكال متغيرة نمطية وغير نمطية لتناسب الفراغات والناشئة عن الزاويا والانحناءات والتنوع في أشكال مربعات الأراضي.
وتتكون الخيمة من أربعة قوائم معدينة رأسية في الجوانب الأربعة مثبتة على قواعد خرسانية، وقائم رأسي مثبت به أربعة أذرع من الصلب الغير قابل للصدأ تحمل الخيمة، والذي يفصل بينه وبين الجزء السفلي فتحة تسمح بالتهوية والإضاءة، كما تم عمل فواصل بين الخيام من نفس مادة قبة الخيمة لسهم في تقسيم الفراغات الداخلية للخيمة إلى فراغات أصغر حسب الحاجة.
ولتوفير درجات حرارة مناسبة تم تزويد الخيام بمكيفات هواء صحرواية تساعد على خفض درجة الحرارة داخل الخيمة، حيث استلزم ذلك تنفيذ شبكة من خزانات خارجية لتغذية هذه المكيفات بالمياه، إضافة إلى توفير نظام لمكافحة الحريق، وجاء توزيع الخيام على مجموعات متكررة.