تعطينا المصادر الأدبية وصفاً عن الخلفية المعمارية لمنطقة فزان، خاصة عن الفترات السابقة للفترة العثمانية، أما المعلومات التي كتبها الرحالة الأوروبيون في القرن الثامن والتاسع عشر فهي أكثر اقتضاباً.
فالمؤرخ البكري يخبرنا أن مدينة سبها كانت كبيرة وبها جامع وأسواق، ومن المحتمل أن الجامع الذي ذكره البكري هو الجامع المسمى بجامع منطقة الجديد في سبها؛ لأن الروايات المحلية المتعارف عليها تشير إلى أن جامع منطقة الجديد بسبها يعتبر أحد أقدم المساجد الباقية في المنطقة، إلا أن المسجد الحالي ربما أعيد بناؤه وتجديده بعد فترة البكري، ويشير غاسبري ميسانا إن هذا الجامع شيد منذ بضعة قرون خلت.
خصائص منطقة فزان في ليبيا:
قد أشار البكري إلى بعض المدن والقرى والواحات التي كان بها مساجد، فأشار بأن ودان سكنتها قبيلتان عربيتان تقاسمتا جامعاً واحداً، ويذكر البكري كذلك إن مدينة زويلة (180 كيلو متر جنوب شرق سبها)، كان بها مسجد وصارت وهذه المدينة ذات أهمية في عهد مملكة بني الخطاب من قبيلة هوارة البربرية في الفترة ما بين القرن العاشر والثاني عشر اتخذها بنو الخطاب عاصمة لهم.
وشيدت بها بعض الأبنية الدينية والمدنية وتنسب الأضرحة المسقوفة، بقباب والتي ما زالت قائمة وفي حالة جيدة بهذه المدينة إلى هذه الفترة، ويعطينا كابتن ليون الذي زار هذه المدينة في الفترة ما بين سنة 1818-1820 وصفاً جيداً عن المباني الدينية بهذه المدينة، وأعطى وصفاً للأضرحة والمسجد المتهدم وذكر أن أبعاد المسجد كانت 135 قدم في 90 قدم، ومنارته ذات ارتفاع يكفي لرؤية كل المناطق المجاورة، وذكر كابتن ليون أيضاً بأنه توجد ثلاثة مساجد أخرى في حالة جيدة في مدينة زويلة.
ومن المعتقد إن هذه الأضرحة هي مدافن ملوك وأمراء مملكة بني الخطاب، وإن المسجد المتهدم الذي ذكره كابت ليون، ربما كان ذلك المسجد الذي ذكره البكري، وإن المساجد الثلاثة الأخرى التي ذكرها كابتن ليون قد شيدت بعد فترة البكري، ومن المحتمل إنها ترجع إلى ما قبل الفترة العثمانية.
ويرجع كل من اميليو وغاسبري أن بعض المساجد الأخرى التي تقع في منطقة فزان تعود إلى الفترات السابقة للعهد العثماني، واعتماداً على أقوال الرواة وعلى أسلوب تخطيط البناء ونظام التسقيف والمادة المستخدمة.