بعد فتح مصر أمر عمر بن العاص ببناء قاعة كبيرة تبلغ أبعادها 29×17 متراً في الفسطاط قرب مدينة القاهرة الحالية؛ وذلك لإقامة صلاة الجماعة فيها، وقد كانت تلك القاعة أبسط مسجد أمكن تصوره، حيث يعتقد أن بضعة جذوع نخل منصوبة بداخلها كانت بمثابة الأعمدة الحاملة لسقفها المسط، وفي سنة 673 ميلادي استبدلت هذه القاعة بأخرى أوسع منها ولكنها كانت من نفس النمط مع إضافة سياج على أحد جوانبها، وهكذا أصبح المسجد مسبوقاً بصحن.
خصائص الحجرة في عمارة ليبيا
أما في ليبيا فنجد نماذج كثيرة من المساجد المتفاوتة في القدوم، والتي يجوز ارتباطها بهذا النوع البدائي المسبوق أو غير المسبوق بصحن، فقد تم جمع بعض المخططات الإيضاحية التي تمثل صوراً مطابقة للتصميم الأصلي لكل من مساجد الحناشي في مرزق والجديد في سبها، وجميعها في منطقة فزان الداخلية ويعود عهد بنائها إلى عدة قرون مضت.
ولكن توجد أيضاً مثيلات لها في واحت الجفرة وفي واحات خط العرض 29 وفي غيرها من واحات برقة وطرابلس، إن العالم الأنثروبولوجي اميليو اسكارين الذي قام على رأس بعثة علمية بزيارة ودراسة هذه المناطق في الثلاثينيات يشير صواباً إلى أن المساجد ذات السقوف المسطحة متوافرة في المراكز التي يغلب عليها العنصر العربي، بينما المراكز التي يسودها العنصر البربري الأصلي جاءت مساجدها مسقوفة بقبيبات، وذلك بسبب أن العرب لدى فتحهم ليبيا أدخلوا عليها مع الدين الإسلامي أبسط نوع قد أبدعوه من المساجد.
وصف الحجرة في العمارة الليبية
إن كثيراً من هذه المباني لم تقاوم بلاء الزمن، إذ تبين مما تبقى منها كيف أن التركيب البدائي لجامع الفسطاط قد جرى تحسينه في أدنى تفصيلاته على الأقل، إن سقفه المسطح يحط على دعائم بواسطة تشكيلة من الأقواس الممتدة في الاتجاهين المتعامدين.
ولم تجري العادة على تجهيز هذه المساجد بمئذنة وسلم ذي باب مؤدي إلى السطح، حيث يبعث المؤذن بصوته منادياً المؤمنين إلى الصلاة مثلما كان يفعل بلال في عهد الرسول، وفي حالة وجود مئذنة يكون تصميمها عادة مربع الشكل وبقدر يتناقص قطرها تدريجياً.