خصائص المساجد الليبية:
كان التصميم المعماري للمساجد في ليبيا عبارة عن بناء مربع الشكل ومسقوفة بعتبيات عديدة موزعة على عدة صفوف، وأما من الباطن فيبدو كتركيب هندسي ناتج عن وضع عناصر حجمية متساوية فيما بينها، وقد تعجز عن إبراز الطبيعة الفضائية التي تتميز بها هذه العناصر؛ وذلك لأن الحيز الداخلي الذي يستطيع الإنسان بلوغه والانتفاع برحابه يشكل العامل الذي يسمو دون سواه بعمل إنشائي إلى مستوى الفن المعماري.
كما أن أبعاد نفس العناصر المتناسبة مع قامة المخلوق البشري تضفي على المسجد الليبي الجو والمعنى الخاصين الآتي إيضاحها، ففي واقع الأمر يحتوي الفضاء العنصري للمساجد على أربع دعائم يتبوأها عدد مماثل من الأقواس المصنوعة من البناء الذي يستمر إلى ما فوق حجر العقد حتى يكون مربعاً، وتغطي هذا الفضاء قبة من نفس الصنع، ويبدو جلياً أن من شأن هذه الدعائم والأقواس والقبة مجتمعة تحديد حجم ما.
سمات المساجد الليبية:
إن طبيعة التركيب في المسجد ذي الطابع التقليدي العتيق طبيعة سطحية بالدرجة الأولى، إذ يمكن للمرء إدراكها رسماً أكثر منه بالخبرة المباشرة، وأما المسجد الليبي فيبرز التركيب العنصري للمرء حقيقة فضائية مباشرة بمجرد تجاوزه لعتبة بيت الصلاة، ويكفي ذلك من وجهة فنية معمارية محضة لتقرير تفوق المسجد الليبي على المسجد التقليدي العتيق.
وتنقلب الآية الكريمة تماماً عند مقارنة المسجد الليبي بالمسجد العثماني الذي هو عمارة غالباً ما يكون فضاؤها الداخلي على مستوى رفيع الروعة والتي من شأنها أن تختلف في مشاهدها وقعاً بالغاً، بينما في المسجد الليبي حيث ينقسم الفضاء الداخلي إلى عناصر متساوية فيما بينها ومتناسبة مع قامة الإنسان.
بقي هذا التصميم هو التصميم المعتمد للشعب الليبي على اختلاف طبقاته لمدة قرون طويلة، سواء لدى إقامة مساجد متواضعة أو عند تشييد مساجد فاخرة بإرادة الحكام أو الأثرياء أمثال الأمراء، رغبة منهم فوق كل شئ تخليد أسمائهم وإظهار عظمتهم.
كما أن البناة الليبيين قد بذلوا جهدهم في مقاومة التأثيرات واستهواءات المدراس المعمارية الرفيعة واستسلم للتصورات العثمانية، لذلك يمكن القول أن المساجد الليبية بنيت على شاكلة المساجد العثمانية ذات القباب الكثيرة.