وصف تخطيط مدينة القاهرة:
في ضوء الدراسات الأثرية وما ورد في المصادر التاريخية يتضح أن مدينة القاهرة في مرحلتها العمرانية الأولى عند تأسيسها اتخذت تخطيطاً مميزاً، فقد أنشئت هذه المدينة لكي تكون مدينة ملكية محصنة، ويلاحظ أن تخطيط شبكة شوارعها كانت عبارة عن شارع رئيسي يشق المدينة من الشمال إلى الجنوب، تبدأ من باب الفتوح في الشمال ينتهي إلى باب زويلة في السور الجنوبي.
ويتفرع من هذا الشارع الرئيسي شوراع جانبية تخترق المدينة من الشرق إلى الغرب، وتتقاطع مع الشارع الرئيسي “قصبة القاهرة” في زوايا قائمة وهذه الشوارع كانت تفصل بين المناطق التي خصصت لسكنى القبائل التي أنشئت مساكنها داخل أسوار المدينة، وهي المناطق التي عرف اصطلاحاً باسم الحارات، وكان لكل حارة من هذه الحارات مدخل أو اثنان على هذه الشوارع.
ومساكن الحارة تطل في الداخل على شبكة أدق من الأزقة التي تفصل بين الدور، وبهذا الأسلوب في التخطيط كانت كل حارة من الحارات المختلفة تحتفظ بخصوصيتها، وكان لا يدخلها إلا سكانها، حتى إذا أغلق الباب الخارجي للحارة ليلاً فيصعب دخولها ويسهل الدفاع عنها إذا هوجمت، كما أنه يمكن السيطرة عليها دون باقي المدينة في حالة إذا ما حدث حدث، وهذا أمر يلاحظ وجود ما يشبهه في أرباع مدينة بغداد.
وصف تخطيط شوارع القاهرة:
وقد لفت تخطيط شبكة الشوارع الرئيسية في مدينة القاهرة في هذه المرحلة من تاريخ عمارتها نظر الباحثين، فحاولوا تأصيله بمدن سابقة على العصر الإسلامي وبخاصة بعض المدن الرومانية في شمال إفريقية، ومنهم من حدد مدينة تيمجاد كنموذج أساسي ذكر أن مدينة القاهرة تأثرت به، وبخاصة في ملمح الشارع الرئيسي والشوارع الجانبية التي تقطعه في زوايا القائمة، وهناك من رأى أن القاهرة في هذه المرحلة كانت تشبه في تخطيطها مدينة الإسكندرية.
وتنتهي هذه الآراء إلى أن تخطيط مدينة القاهرة روعي فيه القواعد المقررة لتخطيط المدن التي وضعت في القرن الخامس قبل الميلاد، والتي عمل بها اليونان والرومان في إمبراطورتيهم القديمة المترامية الأطراف وترجع كلها في الأصل إلى نماذج مأخوذة من المدن المصرية الفرعونية القديمة ومن المدن الآشورية.