تقع قلعة الزيلعي فوق تل رملي تخالطه بعض الحجارة يعرف بجبل الزيعلي، والذي يقع أيضاً في الجهة الجنوبية الشرقية من مدينة اللُحية، ويعد هذا الموقع من أبرز الأماكن الاستراتيجية، حيث شكل بإطلالته على المدينة وساحلها مركزاً دفاعياً هاماً يتم من خلاله حماية المدينة ومينائها معاً، كما مثل موقعها أيضاً نقطة مراقبة متقدمة على ساحل منطقة تهامة.
الوضع المعماري في قلعة الزيلعي
تعاني قلعة الزيلعي كغيرها من القلاع الأثرية في منطقة تهامة من التهدم سواء في جدرانها أو أسقف كثير من مرافقها ويرجع السبب في ذلك إلى عدة عوامل أهمها: العامل البشري؛ فقد وجدت بعض المرافق التي تعرضت للحريق والبعض الآخر لعملية تخريب متعمدة، كما إن عدم الاهتمام بترميمها وإصلاح ما تلف من مكوناتها جعل من العوامل الطبيعية كالرياح والرطوبة والطيور وغيرها مع مرور الوقت تؤثر سلباً على حالتها المعمارية بشكل كبير.
لعب الموقع والمناخ دوراً كبيراً في تشكيل معمار قلعة الزيلعي، حيث وجدت بالقرب منها عدة مكاشف صخرية، وهي عبارة عن هضاب مرتفعة تتكون غالباً من طبقات رسوبية متداخلة تتألف من الحجر الغريني والحجر الرملي وحجر الطفلة مع وجود طبقات من الجبس ذات سمك مميز في بعض المكاشف.
وقد ساعد ذلك في اختيار مواد البناء المناسبة في إنشاء القلعة فنجد أن مادة الأحجار الرملية التي تعد من المواد السهلة التشذيب تم استخدامها بكثرة ثم الأحجار السوداء المستديرة المصقولة من جميع جوانبها، والتي يتم الحصول عليها جاهزة من مجرى الوادي بعد أن تجف مياهه.
ومادة الحجر الرملي المذكورة أنشئت بها معظم القلاع التي تقع بالقرب من الساحل وبحسب توافرها في البيئة المحيطة، ففي تهامة أستخدم الحجر الرملي أيضا في بناء قلعتي جبل الملح وبعض قلاع مدينة ميدي، بينما أستخدم في أغلب تحصينات مدينة عدن استخدم حجر البازلت البركاني ذو اللون الأسود، أما خارج اليمن فمن القلاع التي بنيت بالحجر الرملي وتقع بالقرب من سواحل قلعة الأزنم والوجه ونخل وغيرها من القلاع التي بنيت على طريق الحج المصري.
قد ساعد منشئي القلعة وجود طبقات رسوبية – تتكون من الغرين والطين والجبس – في منطقة اللْحية، حيث قاموا باستخدامها كمادة رابطة بين مداميك (صفوف) البناء وكساء الجدران، كما استخدمت مادة الخشب لعملية الربط بين مداميك البناء وذلك لمنع التشققات الناتجة عن ضغط الصفوف وكذا لعمل أعتاب النوافذ والأبواب بالإضافة إلى مادة الرمل التي ردمت بها جميع أرضيات مرافق القلعة.
أما أسلوب البناء المتبع في القلعة فيسمى بالظهارة والبطانة، حيث استخدمت الحجارة المشذبة غير مستوية الحواف لبناء الجدران والتي تختلف في أحجامها ما بين كبيرة ومتوسطة، واعتمد البناؤون بشكل رئيسي على وضع الحجارة الكبيرة في جهتي الحائط على هيئة مداميك أفقية وملئ الفراغ المحصور بينها بالحجارة المتوسطة الحجم والصغيرة وعجينة الرمل أو الطين الجبسي، كما تمت تسوية الفراغ الواقع بين صفوف الجدار – الناتج عن عدم استواء حواف الحجارة الكبيرة – بقطع الأحجار الصغيرة.
إن أغلب حجرات القلعة استخدمت أسلوباً واحداً في تغطيتها وهو السقف الخشبي المسطح، كما أستخدم في القلعة أيضاً أسلوب التغطية بنظام القبة والأقبية، ولكن بشكل محدود حيث اعتمد هذا الأسلوب بشكل رئيسي على قوالب الحجارة فقط وهناك مثالان على ذلك الأول: قبة نصف كروية تغطي الطابق الأرضي في البرج الغربي المطل على المدخل الرئيسي والثاني: قبو نصف اسطواني يغطي الحجرة الأرضية التي تقع بجانب البرج الشرقي.
المخطط العام لقلعة الزيلعي
تتميز قلعة الزيلعي بتخطيط فريد من نوعه لا يناظره تخطيط آخر في القلاع اليمنية، ذلك لأنه جاء مشابها للسلاح الناري (البندقية)، ويشاهد ذلك عند رؤية المسقط الأفقي للقلعة ويبدو أن هذا المخطط لم يأتِ عبطاً وإنما جاء على يد مهندس ذي خبرة عالية في مجال البناء، والمخطط المذكور يبين لنا مدى العلاقة القوية بينه وبين الوظيفة الحربية للقلعة أي أن تصميم القلعة الذي يشبه السلاح الناري يتوافق ووظيفة القلعة المتمثلة في الدفاع عن مدينة اللْحية ومينائها.
والمخطط الهندسي المذكور لقلعة الزيلعي يمكن إدراجه ضمن مخططات القلاع العثمانية، التي تميزت في تركيا نفسها بالتنوع ولم تقف عند مخطط واحد، حيث تعددت هيئات قلاعها ما بين المربع والمستطيل والمثلث ونصف النجمة، وكلها دعمت بالأبراج الضخمة ذات الفتحات المهيأة لإطلاق النيران مع فتحات السهام وغيره.