نظراً للظروف التي أحاطت بالعالم الإسلامي من حملات صليبية وهجمات للمغول، فقد تميز العصر الأيوبي الذي بدأ بتولي صلاح الدين الأيوبي الحكم بأنه عصر حربي، حيث توالت المعارك بين الأيوبيين والصليبيين، وقد تأثرت العمائر في مصر بهذا الطابع الجهادي، فاتسمت بالطابع الدفاعي، كما أكثر الأيوبيون من بناء القلاع والحصون والثغور والأبراج حول المدن سواء في مصر أو الشام لتحصينها ضد هجمات الصليبين.
اهتم الأيوبيون ببناء الكثير من العمائر، فشيدوا المساجد والخانقاوات والأضرحة والزوايا والحانات وغيرها، كان أكثر عمائرهم من المدارس التي اهتموا بتشييدها لتدعيم وتدريس المذاهب السنية الأربعة، بعد عدة قرون من حكم الفاطميون الذين اعتنقوا المذهب الإسماعيلي الشيعي، فاهتم الأيوبيون بتخريج دعاة وشيوخ ووفقهاء على المذهب السني.
سمات عمارة الأيوبيون:
كان من أبرز سمات الطراز الأيوبي في العمارة سيادة طابع التقشف وعدم الإسراف في الزخرفة بسبب حالة الجهاد الدائمة التي كانت تعيشها البلاد، برغم ذلك تميزت العمائر بالقوة والصلابة واستخدام الأبراج الضخمة في تدعيم جدران العمائر، كما استخدموا الأحجار الكبيرة الضخمة خاصة في الواجهات والمداخل والأسوار والأبراج واستخدام الآجر (طوب مصنوع من الطين معروف بأسم الطوب الأحمر) في بناء القباب.
تطورت القباب في العصر الأيوبي، وخاصة من حيث الانتقال من مربع سفلي إلى مثمن عن طريق قبة مكونة من طابقين، كما تميزت القباب الأيوبية بوجود زخارف زجاجية على سطحها الخارجي، وهو الأسلوب الذي استخدمه الطراز المملوكي فيما بعد.
استخدم الأيوبيون لأول مرة أعمدة ذات تيجان إسلامية، تكونت من الأشكال المقرنصة، كما اهتم الأيوبيون بالمداخل وشيدوها في دخلات عميقة مزينة بصفوف المقرنصات وتوّجت فتحاتها بعقود مدببة، كما شاع في الطراز الأيوبي استخدام العقود، منها العقد المدبب والمنكسر والحدوي (على شكل حدوة فرس)، كما أصبح العقد في العصر الأيوبي منخفضاً ومكوناً من صنجات حجرية.
تأثّر الطراز المعماري الأيوبي بالطراز المعماري الفاطمي من حيث المحاريب الفاطمية، التي كانت طواقيها تزخرف بزخارف من مركز واحد، كذلك تأثّر الطراز المعماري الأيوبي بالطراز الفاطمي من حيث استخدام الصنجات المعشقة والاهتمام بالواجهات وشغلها بالمقرنصات، كما تأثّر الطراز الأيوبي بالطراز السلجوقي من حيث استخدام القباب في التغطيات والإيوانات وتخطيطات المدارس وبناء الخانات.