ما هي أهم الحقائق عن نهر الفرات؟
نهر الفرات فهو فرات نهري التركية ونهر الفرات العربي فهو في الشرق الأوسط، حيث أنه أطول نهر في جنوب غرب آسيا، ويبلغ طوله 1740 ميلاً (2800 كم)، وهو أحد المكونين الرئيسيين لنهر دجلة والفرات، حيث ينبع النهر في تركيا ويتدفق إلى الجنوب الشرقي عبر سوريا وعبر العراق.
بناء النهر:
كان سد الهندية على نهر الفرات العراقي بناءً على خطط المهندس المدني البريطاني ويليام ويلكوكس وانتهى عام 1913، وإنه أول هيكل حديث لتحويل المياه تم بناؤه في نظام نهري دجلة والفرات، حيث تبع سد الهندية في الخمسينيات من القرن الماضي سدة الرمادي ومنظم أبو الدبس القريب، والذي يعمل على تنظيم نظام تدفق نهر الفرات وتصريف مياه الفيضانات الزائدة في المنخفض الذي أصبح الآن بحيرة الحبانية، وإن أكبر سد عراقي على نهر الفرات هو سد حديثة، فهو سد بطول 9 كيلومترات (5.6 ميل) ممتلئ بالأرض مكوناً بحيرة القادسية، وقامت سوريا وتركيا ببناء سدودهما الأولى في نهر الفرات في السبعينيات.
تم الانتهاء من سد الطبقة في سوريا عام 1973 بينما أنهت تركيا سد كيبان تمهيداً لمشروع جنوب شرق الأناضول الضخم في عام 1974، ومنذ ذلك الحين قامت سوريا ببناء سدين آخرين في نهر الفرات وسد البعث وسد تشرين وخطط لبناء سد رابع – السد الحلبية – بين الرقة ودير الزور، وسد الطبقة هو أكبر سد في سوريا وخزانه (بحيرة الأسد) مصدر مهم للري ومياه الشرب، فقد كان من المخطط أن يتم ري 640.000 هكتار (2500 ميل مربع) من بحيرة الأسد، ولكن في عام 2000 تم تحقيق 100.000-124.000 هكتار فقط (390-480 ميل مربع)، كما قامت سوريا ببناء ثلاثة سدود أصغر على الخابور وروافده.
مع تنفيذ مشروع جنوب شرق الأناضول بالتركية: (Güneydoğu Anadolu Projesi ،GAP) في السبعينيات أطلقت تركيا خطة طموحة لتسخير مياه نهري دجلة والفرات للري وإنتاج الطاقة الكهرومائية وتوفير حافز اقتصادي لجنوب شرقها المحافظات، حيث تؤثر (GAP) على مساحة إجمالية قدرها 75000 كيلومتر مربع (29000 ميل مربع) وما يقرب من 7 ملايين شخص تمثل حوالي 10 في المائة من إجمالي مساحة تركيا وعدد سكانها على التوالي، وعند اكتمالها ستتألف (GAP) من 22 سداً بما في ذلك سد كيبان و19 محطة لتوليد الطاقة وتوفر مياه الري إلى 1700000 هكتار (6600 ميل مربع) من الأراضي الزراعية أي حوالي 20 بالمائة من الأراضي الصالحة للري في تركيا.
تقع 910.000 هكتار (3500 ميل مربع) من هذه الأرض المروية في حوض الفرات، وإلى حد بعيد أكبر سد في (GAP) هو سد أتاتورك الذي يقع على بعد 55 كيلومترا (34 ميلا) شمال غرب شانلي أورفا، وتم الانتهاء من بناء هذا السد الذي يبلغ ارتفاعه 184 متراً (604 قدماً) وطوله 1820 متراً (5970 قدماً) في عام 1992، وبذلك تكون البحيرة ثالث أكبر بحيرة في تركيا، وبسعة قصوى تبلغ 48.7 كيلومتر مكعب (11.7 ميل مكعب) فإن خزان سد أتاتورك كبير بما يكفي لاستيعاب التصريف السنوي الكامل لنهر الفرات، حيث كان من المقرر الانتهاء من (GAP) في عام 2010 ولكن تم تأجيله؛ لأن البنك الدولي حجب التمويل بسبب عدم وجود اتفاق رسمي بشأن تقاسم المياه بين تركيا ودول المصب على نهري الفرات ودجلة.
بصرف النظر عن القناطر والسدود أنشأ العراق أيضاً شبكة معقدة من القنوات التي تربط الفرات ببحيرة الحبانية وبحيرة الثرثار وخزان أبو دبس، حيث يمكن استخدامها كلها لتخزين مياه الفيضانات الزائدة، وعبر شط الحي يرتبط الفرات بنهر دجلة، وأكبر قناة في هذه الشبكة هي مصب الصرف الرئيسي أو ما يُسمَّى “النهر الثالث”، وهذه القناة التي يبلغ طولها 565 كيلو مترًا (351 ميلاً) تهدف إلى تجفيف المنطقة الواقعة بين نهري دجلة والفرات جنوب بغداد لمنع تملح التربة من الري، كما يسمح لسفن الشحن الكبيرة بالانتقال إلى بغداد.
كان لبناء السدود وشبكات الري على نهر الفرات تأثير كبير على البيئة والمجتمع في كل بلد على ضفاف النهر، حيث أثرت السدود التي تم تشييدها كجزء من مشروع (GAP) في كل من حوضي دجلة والفرات على 382 قرية وأعيد توطين ما يقرب من 200000 شخص في أماكن أخرى، وتم تهجير أكبر عدد من الأشخاص بسبب بناء سد أتاتورك والذي أثر وحده على 55300 شخص، حيث أظهر مسح بين أولئك الذين نزحوا أن الغالبية غير راضين عن وضعهم الجديد وأن التعويضات التي حصلوا عليها تعتبر غير كافية، ممَّا أدى فيضان بحيرة الأسد إلى تهجير قسري و4000 عائلة أعيد توطينهم في أجزاء أخرى من شمال سوريا كجزء من خطة مهجورة الآن لإنشاء (حزام عربي) على طول الحدود مع تركيا والعراق.
بصرف النظر عن التغييرات في نظام تصريف النهر كان للعديد من السدود ومشاريع الري تأثيرات أخرى على البيئة، حيث أدى إنشاء الخزانات ذات الأسطح الكبيرة في البلدان ذات متوسط درجات الحرارة المرتفعة إلى زيادة التبخر، وبالتالي تقليل الكمية الإجمالية للمياه المتاحة للاستخدام البشري، فقد قدر التبخر السنوي من الخزانات بـ 2 كيلومتر مكعب (0.48 متر مكعب) في تركيا و1 كيلومتر مكعب (0.24 متر مكعب) في سوريا و5 كيلومترات مكعبة (1.2 متر مكعب) في العراق، وجودة المياه في نهر الفرات العراقي منخفضة لأن مياه الري التي يتم استغلالها في تركيا وسوريا تتدفق عائدة إلى النهر جنباً إلى جنب مع الأسمدة الكيماوية الذائبة المستخدمة في الحقول.
زادت ملوحة مياه الفرات في العراق نتيجة لبناء السدود، ممَّا أدى إلى انخفاض ملاءمتها لمياه الشرب، كما كان للعديد من السدود وشبكات الري وما يرتبط بها من استخراج المياه على نطاق واسع تأثير ضار على أهوار بلاد ما بين النهرين الهشة بيئيًا وعلى موائل أسماك المياه العذبة في العراق، حيث أدى فيضان أجزاء كبيرة من وادي الفرات وخاصة في تركيا وسوريا إلى فيضان العديد من المواقع الأثرية وغيرها من الأماكن ذات الأهمية الثقافية، وعلى الرغم من الجهود المتضافرة التي بذلت لتسجيل أو حفظ أكبر قدر ممكن من التراث الثقافي المعرّض للخطر، فمن المحتمل أن العديد من المواقع قد ضاعت إلى الأبد.
أدت مشاريع (GAP) المشتركة على نهر الفرات التركي إلى جهود دولية كبيرة لتوثيق التراث الأثري والثقافي للأجزاء المهددة بالانقراض من الوادي، حيث أن أثار غمر زيوغما بفسيفساءها الرومانية الفريدة من قبل خزان سد بيرجيك جدلاً كبيراً في كل من الصحافة التركية والدولية، وأدى بناء سد الطبقة في سوريا إلى حملة دولية كبيرة نسقتها اليونسكو لتوثيق التراث الذي سيختفي تحت مياه بحيرة الأسد.
قام علماء الآثار من العديد من البلدان بالتنقيب في مواقع تتراوح في التاريخ من العصر النطوفي إلى العصر العباسي، وتم تفكيك مئذنتين وإعادة بنائهما خارج منطقة الفيضان، وتشمل المواقع المهمة التي غمرتها المياه أو تأثرت بارتفاع منسوب بحيرة الأسد والمريبت وإعمار وأبو هريرة، فقد تم بذل جهد دولي مماثل عندما تم بناء سد تشرين، ممَّا أدى من بين أمور أخرى إلى فيضان موقع الجرف الأحمر المهم في العصر الحجري الحديث ما قبل الفخار، كما تم إجراء مسح أثري وحفريات إنقاذ في المنطقة التي غمرتها بحيرة القادسية في العراق، وأصبحت أجزاء من المنطقة التي غمرتها المياه مؤخراً قابلة للوصول مرة أخرى بسبب جفاف البحيرة، ممَّا أدى ليس فقط إلى إمكانيات جديدة لعلماء الآثار للقيام بمزيد من البحث، ولكن أيضاً توفير فرص للنهب والتي كانت متفشية في أماكن أخرى من العراق في أعقاب غزو عام 2003.
تاريخ النهر:
اقتصر الاحتلال المبكر لحوض الفرات على مجراه العلوي، أي المنطقة المعروفة شعبياً بالهلال الخصيب، حيث تم العثور على قطع أثرية من الحجر الأشولي في حوض الساجور وواحة الكوم في السهوب الوسطى السورية وهذا الأخير مع بقايا الإنسان المنتصب التي يعود تاريخها إلى 450.000 سنة، وفي جبال طوروس والجزء العلوي من وادي الفرات السوري تم إنشاء القرى الدائمة المبكرة مثل أبو هريرة التي احتلها في البداية الصيادون والقطافون ولكن لاحقاً من قبل بعض المزارعين الأوائل، الجرف الأحمر ومريبت ونيفالي كوري تأسست منذ الألفية الحادية عشرة قبل الميلاد وما بعدها.
في غياب الري اقتصرت هذه المجتمعات الزراعية المبكرة على المناطق التي كانت الزراعة البعلية ممكنة فيها؛ أي الأجزاء العليا من نهر الفرات السوري وكذلك تركيا، وقرى أواخر العصر الحجري الحديث التي تميزت بإدخال الفخار في أوائل الألفية السابعة قبل الميلاد معروفة في جميع أنحاء هذه المنطقة، كما بدأ احتلال بلاد ما بين النهرين السفلى في الألفية السادسة ويرتبط عموماً بإدخال الري، حيث أن هطول الأمطار في هذه المنطقة غير كافٍ للزراعة الجافة، وتم العثور على أدلة على الري في عدة مواقع تعود إلى هذه الفترة، بما في ذلك تل الصوان.
خلال الألفية الخامسة قبل الميلاد أو أواخر فترة العبيد كانت شمال شرق سوريا تنتشر فيها قرى صغيرة على الرغم من أن بعضها نما إلى مساحة تزيد عن 10 هكتارات (25 فداناً)، وفي العراق مواقع مثل (Eridu) و (Ur) كانت محتلة بالفعل خلال فترة عبيد، وإن نماذج القوارب الفخارية التي تم العثور عليها في تل المشنقة على طول الخابور تشير إلى أن النقل النهري كان يمارس بالفعل خلال هذه الفترة، حيث شهدت فترة أوروك التي تزامنت تقريباً مع الألفية الرابعة قبل الميلاد ظهور مستوطنات حضرية حقيقية عبر بلاد ما بين النهرين.
المصدر:
محمد صبرى محسوب/مبادئ الجغرافيا المناخية والحيوية/2007.علي احمد غانم/الجغرافيا المناخية/2003.علاء المختار/أساسيات الجغرافيا الطبيعية/2011.