أثر تغير المناخ على تحول الفصول

اقرأ في هذا المقال


إن مواسم النمو تتغير، حيث يأتي الربيع مبكرًا والشتاء أقصر وعدد أيام التجمد آخذة في الانخفاض، حيث تؤثر هذه التغييرات على توقيت العديد من أحداث دورة الحياة، مثل وقت تفتح الأزهار أو ظهور الملقحات، كما أن التغييرات في توقيت هذه الأحداث كذوبان الجليد في الربيع أو هجرة الطيور المغردة من الممكن أن يكون لها آثار سلبية على النظم البيئية، لأن الأنواع المختلفة قد تستجيب لمؤشرات بيئية مختلفة، مما يؤدي إلى عدم التوافق بين الأنواع التي قد تعتمد على بعضها البعض.

كيف تتغير المواسم بتغير المناخ

ترتبط المواسم المتغيرة ارتباطًا مباشرًا بارتفاع درجات الحرارة في العالم، ويكفي تغيير طفيف في درجة الحرارة لدفع ذوبان الجليد في وقت مبكر، وتأخير الصقيع الأول حتى وقت لاحق في الخريف، حيث تسبب هذه التغييرات البيئية في ازدهار العديد من الأشجار والأزهار البرية في وقت أبكر من المعتاد، ونتيجة لذلك يكون الشتاء أقصر والربيع أبكر والصيف أطول ويصل الخريف في وقت لاحق.

تستخدم وكالة حماية البيئة الأمريكية تواريخ الأوراق والازدهار التي تعكس اتجاهات الفينولوجيا الوطنية للإشارة إلى تغير المناخ، حيث أن هنالك ثقة كبيرة في أن الوصول المبكر لأحداث الربيع مرتبط باتجاهات الاحتباس الحراري الأخيرة في المناخ العالمي، حيث يمكن أن يكون لاضطرابات توقيت هذه الأحداث مجموعة متنوعة من التأثيرات على النظم البيئية والمجتمع البشري.

فعلى سبيل المثال، قد يؤدي الربيع المبكر إلى مواسم نمو أطول والمزيد من الأنواع والآفات الغازية ومواسم حساسية مبكرة وأطول، حيث أنه يمكن للطقس الدافئ بشكل غير عادي في أواخر الشتاء أن يخلق ربيعًا كاذبًا، ويؤدي إلى بدء النمو الجديد للنباتات في وقت مبكر جدًا، مما يجعلها عرضة لأي صقيع لاحق وهذه الاتجاهات التي لوحظت بشكل متزايد في جميع أنحاء الولايات المتحدة.

الآثار المترتبة على تغيير المواسم بتغير المناخ

تشمل عواقب تغيير المواسم ما يلي:

  • اختلال محتمل بين أحداث دورة حياة الأنواع التي تعتمد على بعضها البعض.
  • خطر أكبر لحدوث أضرار الصقيع وقد يؤدي الوصول المبكر لدرجات الحرارة الدافئة إلى ازدهار العديد من الأشجار والزهور في وقت مبكر، ومع ذلك ونظرًا لأن بعض النباتات معرضة بشدة لضرر الصقيع، فقد يؤثر ذلك بشكل كبير على إنتاج الفاكهة أو الجوز أو البذور للنباتات المتأثرة بالصقيع.
  • زيادة خطر الجفاف، بسبب التوقيت المبكر لذوبان الثلوج وطول فترة الصيف.
  • مناطق الزراعة تتحول شمالًا.
  • قد يكون للآفات والأمراض تأثير أكبر، لأنها ستبدأ في التغذية والتكاثر في وقت مبكر من الموسم، وستزداد أعداد بعض أنواع الآفات أيضًا بسبب فصول الشتاء المعتدلة، مما يسمح لمزيد من الأفراد بالبقاء على قيد الحياة حتى الربيع.

كما تعتبر المواسم المتغيرة أيضًا من العوامل المؤدية إلى تأثيرات أخرى لتغير المناخ، مثل: فيضانات أكثر اتساعًا، وانتشار الأنواع المهاجرة، ويمكن أن يكون لهذه التغييرات تأثيرات عميقة على الأنواع والأنظمة البيئية، فضلاً عن المجتمعات البشرية التي تعتمد على هذه الأنظمة في خدمات النظام البيئي الخاصة بها.

كيف يؤثر تغير المناخ على تغير الفصول

غالبًا عندما نفكر في تغير المناخ، نفكر في أماكن بعيدة مثل القمم الجليدية القطبية في القطب الشمالي أو الغابات المطيرة في البرازيل، في حين أن تأثيرات تغير المناخ محسوسة بشكل أكثر إلحاحًا في هذه الأماكن، فقد بدأ الشعور بها في مناخات أكثر اعتدالًا مثل الولايات المتحدة، حيث تتمثل إحدى الطرق الرئيسية التي يمكننا من خلالها رؤية تغير المناخ في العمل في كيفية تأثيره على الفصول.

  • فقط موسمان: ففي الولايات المتحدة عادة ما نشهد أربعة مواسم كل عام ولكن بعض العلماء يتوقعون أن تغير المناخ سيغير أيضًا طريقة ترتيب المواسم، فبدلاً من أربعة فصول متساوية الطول، سيهيمن على العام موسمان فقط وهما الشتاء والصيف، أي أنه سيصبح الربيع والخريف فترتين انتقاليتين قصيرتين في أبريل وأكتوبر، حيث يقع معظم العام في درجات حرارة شديدة البرودة والحرارة.
  • شتاء أدفأ: أظهرت الأبحاث أن الاحترار الموسمي يحدث بوتيرة غير متساوية في جميع أنحاء الولايات المتحدة، وانه مع ارتفاع درجات الحرارة في الشتاء بشكل أسرع من درجات الحرارة في الصيف، فإنه لا تزال العديد من المدن تعاني من درجات حرارة منخفضة للغاية.

ومع ذلك، فإن متوسط عدد الأيام التي تكون فيها درجات الحرارة أقل من درجة التجمد يتناقص كل شتاء، فمن المتوقع أن تفقد المدن في جميع أنحاء البلاد وخاصة في الولايات الجنوبية وشمال غرب المحيط الهادئ، أي ما يصل إلى شهرين كاملين من درجات الحرارة شبه المتجمدة بحلول عام 2050.

  • المزيد من الآفات: في حين أن هذا قد يبدو رائعًا للأشخاص الذين لا يحبون الطقس البارد، إلا أن الشتاء الأكثر دفئًا يمكن أن يكون ضارًا للغاية بالنظم البيئية المحلية، فعلى سبيل المثال عادة ما يتم السيطرة على الآفات مثل القراد والبعوض في فصول الشتاء الباردة أما هذا سيسمح أن يكون الشتاء أكثر دفئًا لهذه الآفات، وبالتالي سيبقيها على قيد الحياة خلال الموسم، مما يتسبب في زيادة حجم السكان إلى جانب زيادة خطر الإصابة بأمراض مثل مرض لايم.
  • ثلوج أقل: إن أحد أسوأ آثار ارتفاع درجات الحرارة في الشتاء هو تقليل تساقط الثلوج، حيث يعد الثلج مصدرًا مهمًا للمياه في غرب الولايات المتحدة؛ لأن النظم البيئية الصحراوية تحصل على القليل جدًا من الأمطار على مدار العام، ويتم تخزين الثلج في سلاسل الجبال ويذوب ببطء خلال فصلي الربيع والصيف، مما يعطي الأنهار تدفقاً ثابتاً من المياه خلال موسم الجفاف.

ولكن إذا تم توفير كمية أقل من الثلج في الشتاء، أو إذا بدأ في الذوبان مبكرًا فلن يكون لدى النظم البيئية الصحراوية الهشة ما يكفي من المياه للحفاظ على نفسها.

  • ازدهار مبكر: يعني الشتاء الأقصر وصول درجات حرارة أكثر دفئًا في وقت مبكر من فصل الربيع، حيث يؤدي هذا أيضًا إلى ازدهار العديد من الأشجار والزهور مبكرًا ومع ذلك، قد يكون موسم التفتح المبكر أكثر ضررًا للنباتات نفسها، فإنه حتى عندما تتفتح النباتات مبكرًا، يظل خطر الصقيع خلال أواخر الشتاء وأوائل الربيع مرتفعًا، حيث لا يتطلب الأمر سوى صقيع سيئ واحد لإتلاف النباتات الحساسة للصقيع، مما قد يؤثر على قدرتها على إنتاج المكسرات والبذور والفاكهة في المستقبل.
  • مشاكل التلقيح: تأخذ النباتات إشاراتها حول وقت التفتح من درجة حرارة بيئتها، لكن معظم الحيوانات تستغرق وقتًا أطول قليلاً للتكيف مع دورة موسمية جديدة، وهذا يعني أن الإزهار المبكر يقضي على العلاقة المهمة بين النباتات والملقحات عندما لا تصل الطيور والحشرات في فصل الربيع في الوقت المناسب لتلقيح الأزهار، حيث تعيش النباتات والحيوانات في توازن دقيق مع بيئتها، ويمكن أن تضر درجات الحرارة المتغيرة بقدرتها على البقاء والتكاثر.
  • الجفاف القاتل: لقد منحتنا التغييرات الموسمية بالفعل صيفًا أكثر سخونة وأطول ففي غرب ووسط الولايات المتحدة، قد أصبح الجفاف مشكلة خطيرة بسبب التغيرات في أنماط هطول الأمطار، حيث يتسبب تغير المناخ في زيادة هطول الأمطار في المناطق المعرضة بالفعل للعواصف، مثل الولايات الساحلية الجنوبية ولكنه يقلل أيضًا من هطول الأمطار في المناطق الجافة بالفعل مثل الجنوب الغربي.

وينبغي أن يتم تذكر نقص تساقط الثلوج الناجم عن فصول الشتاء القصيرة، فهذا يؤدي أيضًا إلى الجفاف في الصيف بسبب عدم وجود مياه كافية للحفاظ على رطوبة التربة خلال موسم الجفاف.

  • موجات الحرارة: ينتج عن انخفاض رطوبة التربة، ظروفًا لدرجات حرارة شديدة الحرارة نسميها موجات الحرارة فعندما تضرب طاقة الشمس الأرض، فإنها تسخن السطح بدلاً من العمل على تبخير الرطوبة من الهواء والأرض، وبهذا تتزايد موجات الحر في الصيف خاصة في المناطق الصحراوية، وبحلول نهاية القرن، من المتوقع أن تحدث موجات الحر الشديدة التي تحدث عادة كل عشرين عامًا كل سنتين إلى ثلاث سنوات.

وفي نهاية ذلك تغير المناخ ظاهرة عالمية، لكن يمكننا أن نشعر بآثاره على المستوى المحلي و تعني درجات الحرارة الأكثر دفئًا أن فصولنا ستتغير بطرق غير مألوفة، مما يتسبب في حدوث تغييرات ضارة في أنظمتنا البيئية والحياة البرية وصحة الإنسان.


شارك المقالة: