الجغرافيا النباتية

اقرأ في هذا المقال


ما هي الجغرافيا النباتية؟

تقوم الجغرافيا النباتية بدراسة النباتات الطبيعية وكمية علاقتها بالبيئات الجغرافية المختلفة، كما تقوم الجغرافيا النباتية بدراسة كل من: أنواع النباتات، التوزيع الجغرافي للنبات، العلاقة التي تربط بين الظروف البيئية وأنواع النباتات، العلاقة التي تربط الإنسان بالنباتات الطبيعية أو ما يتم تفسيره بالقيمة الإنتاجية لهذه النباتات.

ما هي الظروف البيئة التي تتحكم بنمو النباتات الطبيعية؟

الظروف والعوامل التي تتحكم في نمو النباتات الطبيعية:

تُعد النباتات الطبيعية انعكاس حقيقي لقيمة الأمطار وغيرها من أنواع الهطول الفعلية في جميع الظروف الطبيعية الأخرى من تربة وسطح وغيرها، ولكن تدخل الإنسان واستغلاله لهذه النباتات الطبيعية أحدث كثيراً من التغيرات عليها، حيث أنها لم تصبح كما كانت بل تبدلت كثيراً، بالاضافة إلى الحرائق الكبيرة التي تسببت بها الصواعق، فقضت على مساحات كبيرة من النباتات الطبيعية.

أثر المناخ في النباتات الطبيعية:

إن المناخ من أهم العوامل التي تتحكم في صورة الغطاء النباتي، حيث يعتبر بأنه قائد العوامل التي تتحكم في توزيع النباتات الطبيعية، وخاصة وأن المناخ بعناصره المتباينة من حرارة ورياح ورطوبة وضوء شمس، هو الذي يحدد نوع النبات وكثافته، وهذا في إطار الظروف الجغرافية الأخرى مثل التربة، السطح، الإنسان، الحيوان.
وهناك علاقة كبيرة بين المناخ وتوزيع النباتات الطبيعية، فلكل نبات إطار حراري ينمو فيه، ويتم تحديد هذا الإطار بأقل درجة تلائم نمو النباتات ويطلق عليها (صفر النمو) (Zero Point Growth) ويختلف صفر النمو من مكان إلى آخر، حيث يقل في الأماكن الباردة ويرتفع في الأماكن المعتدلة والحارة، وإذا كانت هناك درجة قليلة لنمو النبات فهناك كذلك حد أقصى لدرجة الحرارة التي يمكن أن يتحملها النبات، ويمكن أن نطلق كلمة (الإطار الحراري) على مقدار الدرجات الحرارية التي يستطيع النبات أن ينمو فيها.
كما تحدد هذا الإطار الحراري درجة صغرى ودرجة عليا، وكلما زادت سعة الإطار الحراري كلما كانت مقدرة النباتات على تحمل الاختلافات الحرارية كبيرة، ومن المعروف أن النبات يستمد طاقته من الحرارة، وتقل درجات الحرارة اللازمة لنمو النباتات في الأماكن الباردة، بينما تزيد هذه الدرجات بالنسبة لنباتات المناطق الحارة التي تتحمل درجات حرارة تزيد على 100 درجة فرنهايت (38 درجة مئوية)، وتحاول النباتات التخفيف من ارتفاع درجات الحرارة عن طريق البخر والنتح، وعلى هذا تزيد حاجة النباتات للماء كلما ارتفعت درجات الحرارة.
كما أن الإشعاع الشمسي هو مصدر الحرارة والضوء، حيث أن الضوء شرط أساسي لنمو أغلب النباتات الطبيعية، وأشعة الشمس هي أحد العوامل الأساسية التي تؤثر بشكل مباشر في النباتات الطبيعية، إذ إن الأوراق والأنسجة الخضراء تعتمد على طاقة الشمس في تحويل المواد التي تأخذها جذور النبات من التربة إلى مواد كربوهيدراتية، وتعرف عملية التحويل هذه بعملية التمثيل الضوئي (Photosyntyhesis).
وتتفاوت النباتات فيما بينها من حيث متطلباتها من ضوء الشمس، فهناك نباتات تحب ضوء الشمس (Sunloving Plants)، وهناك نباتات أخرى لا تنمو إلا في الظل، ويعوض استمرار الضوء لفترة طويلة النقص في درجات الحرارة، وذلك بالنسبة لبعض النباتات، كما تؤثر الرياح في النباتات الطبيعية بشكل مباشر، وتأثيرًا غير مباشر.
ويتمثل التأثير المباشر في الأثر الميكانيكي الذي يكون في اقتلاع الأشجار وتقطيع فروعها، وتمزيق الأوراق، أمَّا التأثير غير المباشر فيكون تأثير فسيولوجي، وهو يعني اختلاف التوازن المائي للأشجار؛ وذلك بسبب ازدياد النتح وفقدان الماء بدرجة تكون أعلى ممَّا تحتاجه جذور الأشجار، والتأثير الفسيولوجي أشد ضرراً من التأثير الميكانيكي؛ لأنه يؤدي إلى فقدان الماء وموت الأشجار، ويكون خطر التأثير الميكانيكي أشد إذا كانت الرطوبة الجوية أقل.
وأحياناً تنقل الرياح الكثبان الرملية فتزحف وتغطي النباتات وتقضي عليها، كما أن الرياح أيضاً تساعد في عمليات التلقيح، والرطوبة من العناصر المناخية المهمة للنباتات المختلفة؛ لأنها تؤثر في كمية ما يتبخر من ماء وما ينتحه النبات، ومن المعروف أن قدرة الهواء على التبخير تكون حسب مقدار ما به من رطوبة، وبذلك فإن انخفاض نسبة الرطوبة يزيد مقداره على ما تفقده النباتات من ماء عن طريق كل من التبخر والنتح.
كما أن المطر من أهم عناصر المناخ التي تؤثر في نمو النباتات الطبيعية إذ إنه المصدر الأساسي للمياه العذبة على اختلاف مسمياتها مثل المياه الجوفية أو المجاري المائية، وبالرغم من أن الماء ضروري لجميع النباتات؛ لأنه الوسيلة التي تنقل المواد الغذائية الذائبة إلى الخلايا النباتية، إلا أن المتطلبات المائية تكون مختلفة من نبات إلى آخر ومن مكان إلى آخر ومن فصل إلى آخر بالنسبة للنبات الواحد في جميع الإطارات الحرارية المتباينة.
ولتقدير أهمية الماء بالنسبة للنباتات، فإن الماء يكوّن تقريباً 90% من وزن أغلب النباتات، كما أن هناك بعض النباتات التي ترتفع نسبة الماء بها إلى 98% تقريباً من وزنها، ويمكن القول بأن الغطاء النباتي صورة حقيقية لكمية المطر وقيمتها الفعلية، فمناطق الغابات أكثر مطراً من مناطق الحشائش، والمناطق التي تنمو فيها الحشائش أكثر مطراً بدورها من المناطق الجافة، وتحدد موسمية الأمطار وموسمية نمو النباتات الطبيعية، كما أن سلوك نمو النباتات يرتبط إلى حد كبير مع الأمطار كمية وموسماً.

أثر التربة في توزيع النباتات الطبيعية:

حيث تؤثر التربة بنسيجها وأملاحها ومحتواها العضوي في توزيع النباتات الطبيعية.

 أثر السطح في النباتات الطبيعية:

يؤثر السطح في النباتات الطبيعية تأثيرًا غير مباشر، فعلى سبيل المثال تتناقص درجة الحرارة بالارتفاع، وللحرارة تأثيرها على النباتات، فإذا كان ارتفاع الجبال كثيراً فالثلج سيغطي قمم هذه الجبال، وبالتالي يختفي الغطاء النباتي، كما أن انحدار السفوح الجبلية القوي يؤدي إلى تعرية التربة وهذا يؤدي إلى اختفاء النباتات بقدر يتلائم مع تعرية التربة.
كما نلاحظ أن قمم الجبال العالية لا توجد بها أشجار؛ وذلك لقلة سمك التربة في المكان بسبب حدوث عوامل التعرية المتزايد، وإذا ما توافر الماء عند سفوح ونهاية الجبال، فإن الأشجار تنمو بتلك الأماكن بسبب عمق التربة بها والمنجرفة من أعالي الجبال.

 أثر الإنسان والحيوان في النباتات الطبيعية:

قام الإنسان باقتلاع النباتات الطبيعية من جهات كثيرة؛ إمَّا لاستغلال الأرض من أجل الإنتاج الزراعي، أو لاستغلال أخشابها للوقود، أو في الأثاث وغيره من العمليات مثل البناء ومد السكك الحديدية، كما أن حيوانات الرعي أدت إلى تحويل أماكن كثيرة في العالم إلى صحاري بسبب سوء الاستغلال، وعلى هذا الأساس نرى أن صورة النباتات الطبيعية قد تغيرت كثيراً، وقد أدركت دول كثيرة خطورة هذا الأمر فوضعت القوانين التي نظمت استغلال ما تبقى من النباتات الطبيعية وأعادت تشجير بعض الأماكن.


شارك المقالة: