المناطق الممطرة شتاء في الوطن العربي

اقرأ في هذا المقال


ما هي المناطق الممطرة شتاء في الوطن العربي؟

إن هذه المناطق توجد بشكل خاص على امتداد السواحل الجنوبية والشرقية للبحر المتوسط، ولكنها تشمل أيضاً أغلب المشرق العربي بما في ذلك جميع أراضي الخليج العربي وشمال شبه الجزيرة العربية ووسطها، ولكن ما يُلفت النظر أنه بينما تهطل أغلب أمطار مرتفعات اليمن ومرتفعات عسير في جنوب غرب المملكة السعودية في نصف العام الصيفي، فإن أغب الأمطار التي تهطل في كل المناطق السهلية المحيطة بها تهطل خلال فصل الشتاء.
حيث ينطبق هذا على كل من سواحل اليمن الجنوبي وسواحل عُمان والسواحل الأفريقية التي تكون مطلة على جنوب البحر الأحمر وخليج عدن، وتضم أيضاً كل من سواحل شمال شرقي السودان وسواحل اريتريا وجيبوتي وأجزاء من ساحل الصومال؛ ويعود السبب الأساسي في ذلك للأمطار الشتوية في هذه المناطق هو حدوث المنخفضات الجوية التي تتقدم بشكل عام من الغرب إلى الشرق والتي يصل تأثيرها في بعض الأحيان إلى الأجزاء الجنوبية للبحر الأحمر، وذلك عندما ينحرف أحدها باتجاه الجنوب على امتداد البحر الأحمر حتى يصل إلى وسط هذا البحر قبل أن يرجع للاتجاه شرقاً، وإلى خرائط توزيع المطر في الأماكن المحيطة بالبحر المتوسط ومقارنتها بخرائط الرياح والتضاريس، نلاحظ الحقائق العامة الآتية:

  • أنه عندما تتشابه العوامل المحلية التي تتحكم في هطول المطر وتوزيعه، وخاصة ما يتعلق منها بالتضاريس واتجاه السواحل فإن الأمطار تقل بشكل عام على طول سواحل هذا البحر، وعبر المشرق العربي من الغرب إلى الشرق فبينما يكون معدلها السنوي في مدينة الجزائر مثلاً 75 سم، فإنه يكون 43 سم في طرابلس الغرب و19 سم في الإسكندرية و6 سم في بورسعيد و5 سم في بغداد و5 سم في الكويت، إلا أن عامل التضاريس واتجاه المنحدرات والسواحل بالنسبة للرياح الماطرة قد يسبب في زيادة الأمطار في أماكن محددة في وسط أقاليم أقل منها مطرًا بكثير.
    بالإضافة إلى تناقص المطر بشكل عام من الغرب إلى الشرق فإنه يتناقص بشكل تدريجي كذلك كلما ذهبنا من الأجزاء الشمالية للوطن العربي باتجاه المجال الصحراوي، والذي يعتبر حاجزاً مناخياً كبيراً يفصل بين الأقاليم الماطرة خلال فصل الشتاء في الشمال والأقاليم الماطرة خلال فصل الصيف في الجنوب.
  •  إن تعاريج السواحل وتباين اتجاهاتها بالنسبة لاتجاه الرياح الممطرة يُسبب في بعض الأحيان إلى اختلاف توزيع المطر اختلافاً كبيراً داخل قطاعات قريبة من الساحل، فبغض النظر من وجود الجبال بالقرب من بعض السواحل فإن أي تغيير في اتجاه الساحل بالنسبة لاتجاه الرياح الماطرة يكون كفيل بأن يُسبب في تغير واضح في كمية المطر، فمثلاً في شمال أفريقيا نجد أن السواحل التي تواجه الشمال الغربي أو الغرب هي أكثر السواحل مطراً.
    خاصة إذا وجد فيها جبال مرتفعة، أمَّا الأقل منها مطراً فهي السواحل المقوسة نحو الجنوب مثل سواحل الخلجان المتسعة، السواحل التي تتجه للشرق أو الشمال الشرقي أو الجنوب الشرقي، خصوصاً إذا كانت الجبال تكتنفها من جهة الغرب لأنها تكون خلال هذه الحالة واقعة في ظل المطر، فمثلاً على سواحل المغرب العربي يكون معدل المطر السنوي على السواحل التونسية والجزائرية المقوسة باتجاه الشمال ما بين 60 و80 سم، بينما يتراوح بين 30 و50 سم على سواحل المملكة المغربية التي تمتد إلى الشرق من منطقة الريف الجبلية ما عدا البعض من أشباه الجزر البارزة داخل البحر مثل شبه الجزيرة التي تكون واقعة عليها مدينة مليلة، والتي تعرف باسم رأس السواري.
    كما تقل الأمطار بشكل أوضح على الساحل الشرقي لتونس، كما نجد في شمال ليبيا أن أقل السواحل اطاراً هي ساحل سهل الجفارة الذي يبدأ من حدود تونس في الغرب حتى مدينة الزاوية تقريباً في جهة الشرق، أيضاً ساحل خليج سرت بين ميناء مصراته في جهة الغرب ومدينة أجدابية في جهة الشرق، وساحل خليج بمبه الذي يقع في ظل المطر بحسب مرتفعات شبه جزيرة برقة،وكما يمتد باتجاه الشرق حتى الحدود المصرية، فعلى كل هذه السواحل تكون معدلات المطر السنوية بين 10 و15 سم.
    ولهذا السبب فإن الصحاري تمتد منها حتى تصل إلى شاطئ البحر نفسه، وعلى العكس من ذلك فإن الأمطار تتزايد بشكل واضح على النتوء الساحلي الذي تقع عليه مدينة طرابلس وعلى كل السواحل الثانية البارزة باتجاه الشمال، والذي يتجه نحو الغرب أو الشمال الغربي ومنها الساحل الذي يمتد بين مدينتي طرابلس والخمس والساحل الشمالي والشمالي الغربي لشبه جزيرة برقة، حيث تكون معدلات الأمطار على جميع هذه السواحل ما بين 40 و60 سم، وهي تزداد بشكل خاص على السواحل التي تكون فيها نطاقات جبلية مثل سواحل شبه جزيرة برقة.
    فمثلاً في شمال مصر فإن الأمطار تكثر على كل من سواحل الدلتا وعلى ساحل الإسكندرية وساحل سيدي براني، وهي الأماكن التي تتقوس سواحلها باتجاه الشمال، وفيها تكون المعدلات السنوية ما بين 15 و20 سم، بينما لا تزيد على 15 سم في الأماكن الأخرى التي تكون سواحلها متقوسه باتجاه الجنوب مثل الساحل الذي يكون ممتد ما بين بلدة العامرية ومدينة مرسي مطروح، والذي تقع عليه بلدة الحمام، أيضاً الساحل الذي يكون امتداده ما بين دمياط والعريش.
    فإذا قمنا بالانتقال إلى سواحل كل من فلسطين وسوريا ولبنان، نجد أن امتدادها يكون ما بين الشمال والجنوب يضعها في مواجهة الرياح الماطرة بشكل مباشر تقريباً، ولذلك فإنها تكون أكثر مطراً من سواحل شمال مصر وليبيا بشكل عام، وتزيد الأمطار على سواحل لبنان وسوريا بشكل خاص؛ وذلك نتيجة وجود سلاسل الجبال بحذاء الساحل بينما تقل نوعاً ما في جنوب فلسطين لسببين هما: عدم وجود مثل هذه الجبال من جهة والاقتراب من المجال الصحراوي الذي يقع إلى الجنوب منها من جهة ثانية.
  • حيث أن تأثير التضاريس على توزيع الأمطار يكون واضح في كل العالم العربي، فحيثما تكون الجبال ممتدة بقرب السواحل المواجهة للرياح القادمة من البحر فإن أغلب الأمطار تهطل على المنحدرات والسهول الساحلية التي تواجهها، وتقل كثيراً بل وربما تنعدم تماماً على المنحدرات والسهول التي تقع على الجانب المضاد، أي في ظل المطر، ويظهر هذا التوزيع بشكل واضح في كل الأماكن الجبلية المجاورة للبحر المتوسط في سوريا ولبنان وشمال ليبيا والمغرب العربي.
    كما أن التضاريس المعقدة وانقسام الأماكن الجبلية إلى كتل أو سلاسل تفصل بعضها عن بعض وديان أو أحواض منخفضة ييسبب في ظهور أنواع مناخية مختلفة في أماكن متجاورة، وينطبق هذا بشكل واضح على نفس الأقاليم الجبلية السابقة، فعلى أغلب المنحدرات الشمالية لسلاسل جبال أطلس التل مثلاً يزداد المعدل السنوي للأمطار على 80 سم، بينما لا يزداد على المنحدرات الجنوبية لنفس السلاسل وفي هضبة الشطوط عن 30 سم.
    ولكنه يرجع فيزيد قليلاً على المنحدرات الشمالية لأطلس الصحراء التي لا تبقى المظاهر الصحراوية، الحقيقية أن تسود على منحدراتها الجنوبية ومن الطبيعي أن ينعكس توزيع الأمطار على جميع مظاهر الحياة الطبيعية والبشرية التي تختلف كثيراً في بعض الأماكن المتجاورة، فعلى المنحدرات الشمالية لجبال أطلس التل تتكون الحياة النباتية عن غابات تكون خضرتها دائمة، بينما تتكون فوق منحدراتها الجنوبية وعلى هضبة الشطوط والمنحدرات الشمالية لسلاسل أطلس الصحراء من حشائش الإستبس.
    وكذلك في شمال ليبيا فإن أغلب الأمطار تهطل على المنحدرات الشمالية والشمالية الغربية لجبال برقة وجبال طرابلس، ولكنها تكون كثيرة بشكل خاص على جبال برقة؛ وذلك نتيجة مجاورتها للبحر وبروزها فيه بشكل شبه جزيرة كبيرة، بينما تخف نوعًا ما على جبال طرابلس التي يفصل قطاعها الأوسط والغربي عن البحر، سهل واسع هو سهل الجفارة الذي يكون أقصى اتساعه في الغرب، ولهذا فإن الجزء المطير فعلاً من جبال طرابلس هو جزئها الشرقي المجاور للبحر.
    ففي هذا الجزء وعلى المنحدرات الشمالية والغربية لجبال برقة تكون معدلات الأمطار السنوية ما بين 25 و45 سم، كما تكون الحياة النباتية الموجودة عبارة عن غابات أو أحراج ذات خضرة دائمة، بينما تقل النباتات كلما ابتعدنا عن البحر حتى تنتهي في المجال الصحراوي الذي يمتد إلى الجنوب من الجبال، و نفس الصورة أيضاً تتكرر داخل المناطق الجبلية في شرقي البحر المتوسط، حيث تتأثر المنحدرات الغربية في سوريا ولبنان بأغلب الأمطار.
    كما أن الحياة النباتية الطبيعية تكون جميعها مكونة من غابات وأحراج ذات خضرة دائمة، كما تقل الأمطار أيضاً بسرعة كلما اتجهنا إلى الشرق، حيث تظهر أماكن من الحشائش على المنحدرات الشرقية وفي السهول القريبة منها، وفي بعض الأحواض التي تكون محصورة بين الجبال ثم تقل الأمطار وتنتشر المظاهر الصحراوية شكل أسرع باتجاه الشرق.

المصدر: يحيى الحكمي/الجغرافيا الطبيعية/2012.علاء المختار/أساسيات الجغرافيا الطبيعية/2011.علي احمد غانم/الجغرافيا المناخية/2003.محمد صبرى محسوب/مبادئ الجغرافيا المناخية والحيوية/2007.


شارك المقالة: