ما هو النظام البيئي البشري الحضري؟
يقوم الإنسان يومياً في جميع أنحاء العالم بالقضاء على مساحات واسعة من الأراضي للحصول على أراض زراعية أو مناطق سكنية وغير ذلك من النشاطات البشرية، وقد أدت هذه الأنشطة البشرية إلى تدمير الكثير من النظم البئية الطبيعية كالغابات والمستنقعات والحشائش الطويلة أو تحويلها إلى نظم بيئية طبيعية بشرية بدرجات متفاوتة، فعندما يقوم الإنسان باستبدال النباتات الطبيعية ببعض المحاصيل الزراعية ويضيف إليها مواد جديدة كالأسمدة والمبيدات الحشرية وبحراثة الأرض وريّها فإن ذلك يؤدي إلى إحداث تغير في نوعية مكونات النظام البيئي الطبيعي.
وعند القضاء على النظام البيئي الطبيعي تماماً بهدف إقامة المصانع أو المناطق السكنية فإنه يحول النظام البيئي إلى نظام بيئي بشري، حيث تزداد الكثافة البشرية وتبدأ مشكلة تلوث التربة والماء والهواء والسلاسل الغذائية في الظهور، إضافة إلى استنزاف مصادر الثروة الطبيعية، وعند مقارنة النظام البيئي الطبيعي مع النظام البيئي البشري نجد أن النظام البيئي الطبيعي يعمل بتوازن للأسباب التالية:
- تعد الشمس مصدر الطاقة في النظام البيئي الطبيعي وهو مصدر لا ينضب أو يتسبب في أي نوع من التلوث، في حين يستمد النظام البيئي غير الطبيعي كالمصنع طاقته من مصادر الطاقة غير المتجددة كالوقود الحفري والذي يسبب التلوث واستنزاف مصادر الثروة الطبيعية.
- يكفل وجود الحلقة المحللة في النظام البيئي الطبيعي تحلل جميع المخلفات وعودتها من خلال دورة المواد البيوجيوكيميائية إلى المنتجات والتي تعيد استخدامها من جديد، وهذا يعني أن النظام البيئي الطبيعي لا يعرف التلوث.
- لا تنتج النظم البيئية الطبيعية مواد سامة غريبة عن البيئة، في حين يصنع الإنسان المركبات الكيميائية السامة وغير القابلة للتحلل وتسبب مشاكل التلوث.
ومن هذا المنطلق لا بد من الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة والتي لا تسبب أي تلوث يذكر ولا تستنزف مصادر الثروة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح ومنع إنتاج المواد الكيميائة الخطرة ووضع الحلقة المحللة، أي إتخاذ إجراءات مكافحة التلوث مثل بناء محطات معالجة المياه العادمة وأجهزة مكافحة التلوث المختلفة، وعند مقارنة النظام البيئي الطبيعي والنظام البيئي البشري، حيث يشتمل النظام البيئي البشري على عدد من النظم الفرعية وهي نظم اجتماعية، النظم السياسية، النظم الثقافية، النظم التكنولوجية، النظم الإقتصادية.
ويقصد بالنظم بالبيئة الاجتماعية الجزء الذي يشمل الأفراد والجماعات وتفاعلهم وأنماط العلاقات الاجتماعية القائمة بين الأفراد والجماعات التي ينقسم إليها المجتع وتؤلف النظم الاجتماعية، وقد تكون العلاقات الاجتماعية على درجة عالية من القوة كما هي الحال في المجتمعات المحلية الصغيرة كالقرى مثلاً أو المجتمعات الأولية التي يتفاعل أفرادها وجهاً لوجه، وقد تكون العلاقات ثاوية أو علاقات اقتصادية بحتة تحددها المصالح الشخصية، وتختلف العلاقات البسيطة كما هي في المجتمع المحلي عن العلاقات المعقدة في المجتمع الحضري بسبب اختلاف الأصول التي ينحدر منها كل من المجتمعين.
فعندما نجد المجتمع المحلي متجانساً نجد المجتمع الحضري غير متجانس سواء من حيث الأصول أو الثقافة أو العادات أو التقاليد أو المعتقدات والقيم، وقد تكون العلاقات البسيطة في المجتمع المحلي عائقاً من عوائق استغلال موارد البئية والتنمية وقد تقف الالتزامات الاجتماعية عقبة أمام التجديدات والتغيرات التي تفرضها عملية التنمية في تلك المجتمعات.
كما تلعب النظم السياسية سواء في المجتمعات التقليدية أو المجتمعات المتقدمة دوراً مهماً في التنمية البيئية واستغلال الموادر الطبيعية، إذ تتخذ القرارات الخاصة بالتنمية من قبل النظام السياسي بمؤسساته وتشريعاته وقوانينه المختلفة ويختلف تأثير القرارات السياسية في عملية التنمية من مجتمع لآخر تبعاً لمدى تدخل الإدارة والهيئات الحكومية في تخطيط المشاريع التنموية.
وتنفيذ مشاريع التنموية ومدى إشراك الشعب في عملية اتخاذ القرارات وعلى درجة وعي السكان البيئي والتنموي ومدى تقبلهم للمشاريع وإدراكهم لنتاجها الاقتصادي وأهميته بالنسبة لرفاهيتهم ومستواهم المعيشي وتطلعاتهم المستقبلية، ولا يشارك الشعب في الدول النامية فلا يظهر أي تدخل للشعب في اتخاذ القرارات وإن أشرك فإن ذلك يتم من خلال السلطات المحلية التقليدية.
وفي أغلب الأحوال يكون تدخل الشعب في اتخاذ القرارات من مشاكل التنمية ولا شك أن انتشار الوعي البيئي والتنموي في العقدين الأخيرين قد أسهم في تحسين العملية التنموية وتخطيط البيئة وتنظيم العلاقة بين السكان وبيئتهم على مستوى يكفل لهم استغلال مواردها بصورة صحيحة ومواجهة المشاكل البيئية أو التوافق معها من خلال التعاون بين الجمهير والهيئات الحكومية والإدارية المختلفة.