بلدة سبسطية في فلسطين ومعالمها الأثرية

اقرأ في هذا المقال


“Sebastia” وهي عبارة عن مجموعة من الأنقاض فوق قريةٍ تحمل نفس الاسم، وتعتبر إحدى أقدم الأماكن المأهولة في الضفة الغربية في فلسطين، حيث يعتقد المسيحيون والمسلمون أن سبسطية هي موقع دفن القديس يوحنا المعمدان.

تاريخ بلدة سبسطية

يعود تاريخ بلدة سبسطية إلى عام 876 قبل الميلاد على زمن الكنعانيين، والتي تقع على تلة ذات مناظر بانورامية عبر الضفة الغربية، حيث تحتوي على أطلالٍ تتألف من بقايا ست ثقافات متعاقبة يعود تاريخها إلى أكثر من 10000 عام؛ الكنعاني والإسرائيلي والهلنستي والهيروديان والروماني والبيزنطي، وتعرف بالعاصمة الفلسطينية للرومان، حيث تشتهر بالآثار الرومانية التي يعود تاريخها إلى العصر الروماني، وكانت سبسطية عاصمةً إقليمية خلال العصر الحديدي الثاني ومركزاً حضرياً رئيسياً خلال الفترة الهلنستية الرومانية.

احتلها الآشوريون عام 722 قبل الميلاد في عهد سرجون الثاني وأصبحت مركز المقاطعة الآشورية في فلسطين، وفي وقتٍ لاحق تحت الحكم الفارسي، ظلت المدينة عاصمةً إقليمية لوسط فلسطين، وفي عام 332 قبل الميلاد، استولى الإسكندر الأكبر على المدينة، وتم إضافة تحصيناتٍ ضخمة حولها بما في ذلك برجٍ دائري.

ثم في عام 63 قبل الميلاد، أصبحت المدينة جزءاً من محافظة سوريا، حيث أعطاها الإمبراطور أوغسطس لاحقاً إلى هيرودس، الذي أعاد تسميتها سيباستوس (باللغة اليونانية سيباستوس هو أغسطس)، تكريماً للإمبراطور، وتم تنفيذ برنامج بناء كبير خلال الفترة الرومانية، بما في ذلك سور المدينة وبوابة وشارع أعمدة به 600 عمود، والبازيليكا والمنتدى والمسرح ومعبد أغسطس، والملعب وقناة المياه والمقابر.

وخلال الفترة البيزنطية، كانت سبسطية مقر الأسقف، حيث تم بناء كنيسة مخصصة للقديس يوحنا على المنحدر الجنوبي للأكروبوليس، وتم بناء كنيسة بيزنطية وكنيسة صليبية في وسط القرية القديمة، وكلاهما مخصصاً للقديس يوحنا، كما تم بناء مسجداً على شرف القديس يوحنا (النبي يحيى).

وتم إجراء سلسلةً من الحفريات في الموقع، الأولى بين عامي 1908 و 1910 من قبل جامعة هارفارد، ونفذت آخر مرة من قبل دائرة الآثار الفلسطينية في عام 1994، وكشفت عن جزءٍ من مدينة من العصر الحديدي، بما في ذلك مجمع القصر الملكي والفناء المركزي.

وكان أحد الاكتشافات الرئيسية عبارة عن مجموعةٍ عاجية من القرنين الثامن والتاسع قبل الميلاد، وعلى الرغم من أن سبسطية هي بوتقة تنصهر فيها الحضارات وتتمتع بقيمة تاريخية تعود إلى ما قبل 3000 عام، إلا أنها محاصرةً بالمستوطنات ومهددة بالاختفاء بسبب الانتهاكات الإسرائيلية، مثل محاولات نقل الآثار إلى المتاحف الإسرائيلية.

السياحة في بلدة سبسطية

تعتبر بلدة سبسطية إحدى المواقع الأثرية والسياحية المهمة في فلسطين، حيث تم تنفيذ سلسلةً من أنشطة الترميم في القلب التاريخي، بما في ذلك ترميم المسجد، وضريح النبي يحيى وكاتدرائية يوحنا المعمدان والضريح الروماني، ومعصرة الزيتون وقصر كايد والمباني التقليدية إلى جانب درب المشي.

ومن أبرز المعالم الأثرية في بلدة سبسطية؛ بقايا كنيسة بازيليكا في ساحة سبسطية المركزية والتي تم تأسيسها في القرن الخامس، وهي المكان الذي سجن فيه يوحنا المعمدان وقطعت رأسه ودفن فيها، بالإضافة إلى المدرج وأبراج المراقبة اليونانية وقصور بني إسرائيل.

وتم تحويل بعض المباني القديمة في وسط القرية إلى دار ضيافة صغيرة رائعة للغاية، والذي تم إدارته من قبل مركز الفسيفساء، والتي تجمع بين الحجارة المتدلية لجدران العصر البيزنطي مع الخطوط النظيفة والحديثة لبعض التصميمات الحديثة التي تم إجراؤها بشكل جيد للغاية، حيث تتميز الغرف بأنها بسيطةً وأنيقة ومعاصرة ومريحةً للغاية.

كما تشمل الأجزاء الأخرى من المشروع مركزاً للمعلومات السياحية في ساحة القرية، والذي يمكنه تعليم دروس صنع الفسيفساء وبيع الفسيفساء الأصلية والمقلدة، والمشي لمسافاتٍ طويلة في جميع أنحاء القرية إلى المعالم السياحية مثل “Magams” على التلال القريبة والسكك الحديدية العثمانية القديمة.

للأسف، السياحة ليست الشغل الشاغل لأهالي سبسطية، تماماً كما هو الحال في العديد من القرى الأخرى في الضفة الغربية، فإنهم يكافحون من أجل زيادة وتوسيع المستوطنات على أراضيهم، وفي الواقع، يمكن للمرء أن يدعي أن حركة المستوطنين احتفلت بأحد انتصاراتها الكبرى الأولى في محيط سبسطية.

عندما حاولت مجموعة في عام 1974 إقامة مستوطنة على أنقاض محطة قطار سبسطية العثمانية، وبعد سبع محاولات وستة إخلاء من الموقع من قبل الجيش الإسرائيلي، توصلت الحكومة الإسرائيلية والمستوطنون إلى اتفاق يسمح بموجبه لـ 25 عائلة بالاستيطان في مخيم قدوم للجيش، والذي تطور لاحقاً إلى بلدة كدوميم، وهي مستوطنة، والتي تضم الآن أكثر من 3500 شخص، ما أصبح يُعرف باسم “نموذج سبسطية”.

المصدر: كتاب الموجز في علم الآثار للمؤلف الدكتور علي حسنكتاب موجز تاريخ علم الآثار للمؤلف الدكتور عباس سيد أحمد محمد عليكتاب عجائب الآثار في التراجم والأخبار للمؤلف عبد الرحمن الجبرتيكتاب علم الآثار بين النظرية والتطبيق للمؤلف الدكتور عاصم محمد رزق


شارك المقالة: