اقرأ في هذا المقال
نبذة عن حصن غيمان:
مدينة كما يقول النسابة العرب، حيث عثر أحد الرحالة الأجانب على تمثال برونزي له تم إيداعه في المتحف البريطاني.
مدينة غيمان الأثرية وعلاقتها بالحصن:
تتبع مدينة غيمان من الناحية الإدارية ناحية بني بهلول الواقعة جنوب شرق العاصمة صنعاء على بعد عشرين كيلو متر، والطريق إليها يمر عبر خط الأسفلت المتجه إلى بلاد سنحان على بعد 11 كيلو، ومنه إلى منطقة غيمان ومدنه الأثرية على خط ترابي بواقع تسعة كيلو متر.
تتكون مدينة غيمان الأثرية – على الصعيد الطبوغرافي- من قسمين يطلق على أحدهما اسم غيمان العليا والآخر اسم غيمان السفلى، وكلاهما يقع على رأس جبل صخري يطل على وادي غيمان الزراعي الجميل ضمن مائة وخمسين متر من سطح الأرض، وألفين وخمسمائة متر من سطح البحر، يتموضع القسم الأعلى من المدينة الأثرية على مكون صخري شبه مضلع يمتد من الشرق إلـى الغرب، وفي إطاره تقع أطلال حصن وقصور المدينة الأثرية، بما فيها أطلال القصر التاريخي الشهير الذي اتخذ منه الملك أسعد أو كرب والمعروف حاليا باسم أسعد الكامل مقرا لحكمه في القرن الخامس للميلاد، وذلك إلى جانب كل من مدينة ظفار في بلاد يريم وبينون فـي الحداء على قدم المساواة والأهمية التاريخية والاستراتيجية فيما بينها.
حيث شغل هذا الملك العظيم الذي دفن في مدينة غيمان حيزا واسعا من الشهرة العالمية، وحظى على الصعيد المعرفي التاريخي باهتمام علماء الاستشراق الغربيين باعتباره أحد أهم الملوك الحميريين المتأخرين الذي نهض مجددا بمهمة إعادة وحدة الأرض اليمنية، ومد نفوذها إلى شمال الجزيرة العربية وأراضي الخليج؛ الأمر الذي زاد من مكانة وقيمة المدينة والحصن.
الوصف الطبيعي والأثري لحصن غيمان:
من يزور مدينة غيمان لن يدهشه فقط مرأى وادي كروم العنب والفواكه الأخضر الجميل، ومكونات هذا الوادي الصخرية المتناسقة الملونة وهواء المنطقة الصحي العليل وروعة وحسن أخلاق أهلها وكرمهم للضيف وللسائح على حد سواء بل ستدهشه أيضا رؤية الأطلال التاريخية والمعالم الأثرية المتناثرة هنا وهنالك في مقدمتها أثار حصن غيمان وبقايا أسواره المدورة التي يقال بأنه كان يوجد سبعة منها تشكل السياج الوقائي لمباني ومنشئات الحصن وقصوره ومعابده قبل هدمها منذ دهور.
لم يعد موجوداً من هذه الأسوار سوى ثلاثة منها تتداخل كما يبدو مع بعضها على امتداد مائة وثلاثين متر بدء من محاذاة الحصن في الأعلى وحتى الأجزاء السفلى من موقع جسم مدينة غيمان العليا، كانت منشئات هذا الحصن الذي تتموضع ساحته على زاوية حادة تمتد من الجنوب إلى الشمال، حيث كانت مكونة في الأساس من عدة قصور ومازالت آثار بعضها ماثلا للعيان، بالأخص داخل الأقسام الجنوبية، كما تنتصب مجموعة من القواطع الحجرية الرخامية الملساء الموضوعة بعناية على جسم الجندار وفقا للطراز المعماري اليمني الكلاسيكي ذي التوليفة الهندسية الأحادية غير المطعمة بأية مواد إضافية.
كما يطالعنا من ناحية أخرى قسم آخر من أطلال القصر الملكي التي تعتليه حاليا عمارة مستحدثه، يمكن للمشاهد رغم ذلك التعرف على ساحة القصر المعبدة بحجر البلق الأبيض ومشاهدة أحد الممرات النـافذة إلـى الفنـاء الداخلـي للقصر والمرصعة بدورها بحجر المرمر على هيئة سلم يتوجب اعتلاءه قبل الدخول إلى ممرات القصر.
الصعود إلى قمة الحصن يتم من خلال طريق مرصوفة بالحجارة يصل عرضها إلى نحو أربعه أمتار، كما تستند جوانب هذه الطرق على كتف قاطع معماري حجري، حيث يبلغ ارتفاعه ثلاثة أمتار، كما أنه يشبه أسلوب طرق وممرات حصون العصور الوسطى الأوربية التي تجري عليها عربات الأمراء والملوك والإقطاعيين.
لم يكن أحدا يعرف تاريخ بناء هذا الحصن، ولا متى شُيدت الطريق الحجرية المحكمة هذه، والموصلة إليه على ارتفاع مائتين وخمسين متر، غير أنه عثر مؤخرا عند جدار بوابة مسجد المدينة على نقش حجري بلغة المسند، فيه إشارة إلى أن بناء الحصن قد تم في منتصف القرن الثالث الميلادي وذلك في عهد الملك ” نشا كرب “، بمعنى أنه قد شيد فـي أوج ازدهار حياة مدينة غيمان التي بدأت منذ أوائل القرن الأول الميلادي، وذلك عشية تدشين ظهور مملكة سبأ وذي ريدان الحميرية التي انتقل إليها صولجان الحكم من يد مكربي دولة سبأ في مأرب وصرواح، كما أصبحت مدينة غيمان نتيجة لذلك العاصمة الثالثة لهذه المملكة الجديدة بعد مدينة ظفار وبينون.
هناك معلم أثري آخر كان له ارتباط وثيق الصلة بحياة الحصن؛ وهو صهريج الماء الواقع عند سفح جبل الحصن من ناحية الشرق، والمنقور أصلا في الجبل، حيث كانت تتدفق إليه مياه الأمطار الساقطة من جبل غيمان، وذلك عبر فتحة داخله عملت بإحكام وفق حسابات دقيقه ومقاييس هندسية هيدرولوجية، بما لا يسمح بتسرب أية قطرة ماء مع تدفق السيول الجارفة من الجبل.