ضريح جهانكير الأثري في باكستان

اقرأ في هذا المقال


“Tomb of Jahangir” يقع ضريح جهانكير في شاهدارا، إحدى ضواحي لاهور إلى الشمال الغربي من المدينة في باكستان، ويعتبر إحدى أهم الأماكن الدينية والتاريخية فيها، والذي تم بناؤه تكريماً لأحد أقوى أباطرة الإمبراطورية المغولية، حيث يعتبر واحداً من أفضل الأضرحة المحفوظة من إمبراطورية المغول في العالم.

من هو الإمبراطور جهانكير

مصطلح جهانكير لم يكن في الواقع اسم هذا الإمبراطور المغولي الرابع، بل اسمه الحقيقي ميرزا ​​نور الدين بيج محمد خان سالم، ومصطلح “جهانكير” الذي يعني حرفياً فاتح العالم، أصبح مرتبطاً بالإمبراطور لأنه كان حاكماً قوياً.

ولد جهانكير عام 1569م، وكان طموحاً للغاية للحصول على السلطة، حيث قام بثورةٍ ضد والده في عام 1599م، وحصل على الدعم الشعبي اللازم ليصبح رابع إمبراطور موغال في عام 1605م، وترأس جهانكير واحدة من أكثر العصور ازدهارا في تاريخ إمبراطورية المغول الطويل، ولم يكتف بتوسيع النطاق السياسي للمغول فحسب، بل شجع أيضاً الفنون والعلوم، وكان مسؤولاً بشكلٍ مباشر عن نمو لوحة بورتريه موغال وجمع الحيوانات الغريبة من جميع أنحاء العالم في حديقة الحيوان الخاصة به، وكان جهانكير أيضاً مهتماً جداً بعجائب الثقافة الفارسية، وكان هذا بشكلٍ خاص بسبب حبه لقرينته الفارسية نور جهان.

تاريخ ضريح جهانكير

كانت منطقة شاهادار مكاناً مفضلاً لجاهانجير وزوجته نور جهان، عندما كانا يقيمان في مدينة لاهور، حيث كانت المنطقة تستخدم بشكلٍ شائع كنقطة انطلاق للسفر من وإلى كشمير ولاهور، وعندما توفي جهانجير في عام 1627م، ربما يكون قد دفن في البداية في شاهدارا في إحدى حدائقه العديدة، أمر نجله شاه جهان ببناء ضريح يليق بإمبراطور كنصبٍ تذكاري دائم، واستمر بناء الضريح 10 سنوات، من عام 1627 إلى 1637م، وتم تمويله من قبل الخزانة الإمبراطورية.

وقد أثر إنشاء مقبرة جهانجير في شهدارا بشدة على طابع الضاحية، في حين أن المنطقة كانت تستخدم سابقاً كمكانٍ للاسترخاء، فقد تحولت الضاحية خلال فترة شاه جهان إلى نصبٍ تذكاري للحكم الإمبراطوري للمغول، وتم تعزيز هذا فقط من خلال بناء جيلاو خانه (الفناء الأمامي) إلى الغرب من المقبرة وما تلاه من بناء قبر لرئيس وزراء جهانجير آساف خان إلى الغرب، حيث وصلت المجموعة ذروتها، عندما دفنت نور جهان نفسها في قبر قليلاً إلى الجنوب الغربي من المقابر الأخرى.

المعالم الأثرية في ضريح جهانكير

يعتبر ضريح جهانكير إحدى المعالم التاريخية المهمة في باكستان، حيث يحمل أهميةً خاصة بالنسبة للباكستانيين، لأنه القبر المغولي الوحيد الموجود في باكستان الحالية، حيث تظهر صورته على الورقة النقدية فئة 1000 روبية ولا تزال واحدة من أشهر مناطق الجذب السياحي في لاهور.

يحتل الضريح مساحة مربعة واسعة بقياس حوالي 500 متراً إلى الجانب، وينقسم إلى أربعة شاهار باغ (حدائق من أربعة أجزاء)، كما يوجد فيه نافورة تحتل مركز كل من “Chahar baghs” والطرق بينهما، مما يخلق حلقة من 8 نوافير حول القبر المركزي، حيث تم توفير مياه النوافير عن طريق الآبار الموجودة خارج الحديقة ورفعت إلى قنوات فوق الجدران باستخدام عجلات المياه التي لم تعد موجودة، ومن هناك، تدفقت المياه عبر أنابيب تيرا كوتا وإلى النوافير، وعندها تتدفق المياه إلى قنوات ضحلة تجري في جميع أنحاء الحديقة.

أما الضريح نفسه مربع في المخطط وبجانبه 100 غاز بالضبط، باستثناء المآذن الأربعة، حيث يعتبر التصميم أفقياً بالكامل مع سقف مسطح يغطي الهيكل بأكمله، ومن المحتمل أن يكون هذا مستمداً من المثال الذي وضعه بابور جد جهانكير، الذي فضل الدفن في قبر مفتوح للسماء تماشياً مع الدين الإسلامي، حيث كان كل من جهانكير وشاه جهان على دراية بحديقة مقبرة بابور في كابول، حيث تم تنفيذ رغبات بابور.

وتم نصب حاجز حول موقع القبر لكن التابوت لم يكن مسقوفاً، وفي قبر جهانكير، تم التوصل إلى حل وسط من خلال رفع سقف فوق التابوت ولكن بدون بناء أي زخارف ضخمة مثل القباب، ويبدو أن هذا التصميم لم يحظى بشعبيةٍ كبيرة، حيث تم تكراره مرة واحدة فقط لمقبرة نور جهان زوجة جهانكير، في حديقة مقابرها في شاهدارا.

كما يوجد في وسط الضريح حجرة قبر مثمنة يبلغ قطرها حوالي 8 أمتار، وهي متصلة بالخارج من المقبرة بأربعة ممرات تواجه الاتجاهات الأساسية الأربعة، أما التابوت الموجود في المنتصف محفوراً من لوح واحد من الرخام الأبيض، ومزين بتطعيمات بيترا دورا من 99 صفة من صفات الله، ويوجد أسفلها نقش باللغة الفارسية؛ “هذا هو القبر المضيء لجلالة الملك، مصحح العفو، نور الدين محمد جهانجير بادشاه 1037 هـ”.

المصدر: كتاب الموجز في علم الآثار للمؤلف الدكتور علي حسنكتاب موجز تاريخ علم الآثار للمؤلف الدكتور عباس سيد أحمد محمد عليكتاب عجائب الآثار في التراجم والأخبار للمؤلف عبد الرحمن الجبرتيكتاب علم الآثار بين النظرية والتطبيق للمؤلف الدكتور عاصم محمد رزق


شارك المقالة: