قرية الفاو الأثرية في السعودية

اقرأ في هذا المقال


“Qaryat al Faw” وتعرف باسم “دات كال” في النص العربي الجنوبي، وتعتبر إحدى أهم المدن الأثرية في شبه الجزيرة العربية إن لم يكن في العالم كله، حيث تمثل قرية الفاو نموذجاً حياً لمدينةٍ عربيةٍ قبل الإسلام.

اكتشاف قرية الفاو

في النقوش العربية الجنوبية يشار إلى قرية الفاو باسم قرية دات كال” ومدينة الجنة (إشارةً إلى ذات الجنان)، وذلك نسبةً إلى أشجار النخيل والمساحات الخضراء فيها، ولا يزال مؤسسو قرية الفاو مجهولين، لكن السجل الأثري يشير إلى أنهم بنوا المدينة قبل 300 قبل الميلاد، حيث تقع على بعد 400 ميل جنوب غرب مدينة الرياض في السعودية.

كما كانت قرية الفاو بمثابة عاصمة كندة (وهي مملكة عربية سيطرت على المنطقة المحيطة بالربع الخالي في القرنين الثالث والرابع)، كما عملت القرية كمركزٍ تجاري على الطريق الذي يحمل اللبان من اليمن إلى بلاد فارس، حيث تآمرت الإمبراطورية الساسانية ضد منافسيها الرومان والبيزنطيين قبل ظهور الإسلام في القرن السابع.

ومنذ حوالي 2000 عام، كانت هذه القرية مزدهرة بفضل الاستخدام الفعال لموارد المياه الجوفية والدخل من التجارة، حتى أن لها دوراً خاصاً في تاريخ شبه الجزيرة العربية، حيث تم العثور فيها على أول ذكر مكتوب ل “الله”، وفي عام 1971م، بدأ عالم الآثار السعودي عبدالرحمن الأنصاري التنقيب في قرية الفاو بدعمٍ من جامعة الرياض، حيث يعتبر مؤسس إعادة اكتشاف قرية الفاو، واكتشف العديد من القطع الأثرية، من بينها سلسلة من اللوحات التي أعادت تعريف مفاهيم الفن العربي الجاهلي.

السياحة في قرية الفاو

تحتوي قرية الفاو على عدة مواقع سياحية أثرية أهمها:

1. السوق

يقع السوق إلى الشرق من الحي السكني، على الضفة الغربية للوادي الذي يفصل بين منحدرات طويق وأطراف قرية الفاو، حيث يصل طوله إلى حوالي 30 متراً يمتد من الشرق إلى الغرب و25 متراً من الشمال إلى الجنوب، ويتكون جدار السوق الضخم من ثلاثة أجزاء: القسم المركزي المبني من كتل الحجر الجيري، والواجهات الداخلية والخارجية المصنوعة من الطوب المشمس.

كما تم تجهيز هذا المبنى القوي المكون من ثلاثة طوابق، بسبعة أبراج والمدخل الوحيد على الجانب الغربي، كان باباً صغيراً يفتح على الساحة المركزية، كما يوجد في وسط الساحة بئراً كبير، حيث تمتد قناة المياه على طول الغرف والمتاجر والمحلات التجارية.

2. المنطقة السكنية

سبَب بعد قرية الفاو عن المدن الأخرى عدم شعور السكان بالحاجة إلى بناء أي جدار أو حصن لحمايتها، حيث شيَد السكان عدة بوابات كبيرة على الجوانب الشمالية والجنوبية والغربية لها، حيث بنيت الجدران من الطوب المشمس، كما أن جميع الأبنية الموجودة في المنطقة نالت عناية خاصة، وسماكة جدرانها التي يصل عرضها إلى 1.8 متراً، كما وتضم المنطقة السكنية القصر الرئيسي لقرية الفاو الذي كان مقراً لملوك وسط الجزيرة العربية.

3. بئر قرية الفاو

تحتوي قرية الفاو على عشرين بئراً تم حفرها من قبل سكانها، وهذا يدل على قدرتهم على استخراج المياه من الأرض وتزويد السكان والمزارع بها، ولا تزال القنوات التي توجه المياه إلى قلب الواحة، حيث نمت أشجار النخيل والكروم والحبوب، ظاهرةً للعيان، كما تم استخدام جذوع النخيل والأشجار الأخرى في صنع أسطح المنازل، بينما تم استخدام الألواح الخشبية المصنوعة من الخشب المحلي للأبواب والنوافذ والأدوات المنزلية.

4. المعابد

تم العثور على ثلاثة معابد ومذبح في قرية الفاو، حيث كشفت النقوش العربية الجنوبية عن الآلهة التي كرسوا لها؛ مثل الأحور وشمس وأثر وود، وكذلك ذو الغبات من مملكة لحيان، وأظهر معبداً تم التنقيب عنه في القرية، صلات قوية بغزة في بلاد الشام، على الرغم من بعده إلا أنه مرتبط بعالم البحر الأبيض المتوسط.

5. المقابر

من السمات المرئية لقرية الفاو مقابرها على شكل برج، والتي تم بناؤها لأبرز السكان مثل “معبد بن عرش”، لكن المدينة تستضيف تنوعاً كبيراً في أنواع المقابر، والتي تتوافق مع الفترات المختلفة التي كان الموقع فيها مشغولاً، وبجانب كل برج تم حفر مقابر تحت الأرض، مع العديد من غرف الدفن التي لا يزال يمكن الوصول إليها من خلال السلالم.

6. المصنوعات اليدوية

قدم الموقع الأثري لقرية الفاو بعض أروع قطع الفن العربي القديم، بما في ذلك اللوحات الجدارية والتماثيل والمجوهرات والعملات المعدنية، والزجاج والفخار والخزف، وأصبح بعض من تلك التحف الفريدة جزءاً من المعرض الشهير في شبه الجزيرة العربية.

المصدر: كتاب الموجز في علم الآثار للمؤلف الدكتور علي حسنكتاب موجز تاريخ علم الآثار للمؤلف الدكتور عباس سيد أحمد محمد عليكتاب عجائب الآثار في التراجم والأخبار للمؤلف عبد الرحمن الجبرتيكتاب علم الآثار بين النظرية والتطبيق للمؤلف الدكتور عاصم محمد رزق


شارك المقالة: