تباين أشكال الأرض والجيومورفولوجيا في الأقاليم المناخية:
يُعتبر المناخ عامل رئيسي يحدد نوعية، طبيعة، معدلات كثيرة من العمليات الجيومورفولوجية وما ينتج عن ذلك من أشكال أرضية. وتبحث الجيومورفولوجيا المُناخية في الربط بين العناصر المُناخية وهذه العمليات، حيث تُميز ما بين جيومورفولوجية الأقاليم الجافة، الأقاليم الرطبة، الأقاليم الباردة في العالم.
ويبدو أن تباين العناصر المناخية (درجة الحرارة، الأمطار، الرياح) يفرض استجابات صخرية محددة، لكنها أحياناً تخرج عنها أو المتوقع منها. فالصخر الغرانيتي، على سبيل المثال، ينتج في تفاعلاته الكيماوية في المناخ الرطب مواد طينية في حين يتفتت إلى جروس (فتات وحبيبات معدنية صخرية خشنة)، أو كُتل زاويّة في المناخ الجاف.
والصخر الجيري أيضاً يُحافظ على صلابته ويشكّل منحدرات سحيقة، أو أراضي وعرة في الأقاليم الجافة، في حين يُصبح صخراً ضعيفاً ويشكّل طبوغرافيا متموجة قليلة الانحدار والوعورة في الأقاليم الرطبة.
ويُمارس المُناخ دورُه الجيومورفولوجي أيضاً من خلال التغيرات والتقلبات المناخية، ففي الفترات الرطبة من عصر البلايستوسين تصابت معظم العمليات الجيومورفولوجية وبخاصة الحت المائي؛ ممّا أدى إلى تصعيد عمليات الهدم وتفريغ السفوح التلية من كميات هائلة من موادها الصخرية.
أمّا خلال الفترات الجافة البلاستوسينية، فقد تراجعت سواحل البُحيرات ومصاب الأنهار كاشفة عن تجمعات إرسابية، بشكل رواسب بحرية أو فيضية تكون دالات أو مراوح فيضية أو أشكالاً دلتا – مروحية، كما هو الحال بالنسبة للساحل الشرقي للبحر الميت.
وإن المُناخ يؤثر في العملية الجيومورفولوجية من خلال تباينه المحلي والإقليمي. وقد تمَّت الإشارة مسبقاً إلى دور المناخ المحلي في محلية العملية الجيومورفولوجية وتباينها أو اختلاف معدلاتها. أمّا على المستوى الإقليمي، فقد قسَّم أوليير العالم إلى أقاليم مورفولوجية بناءً على اختلافاتها الحرارية والتهاطلية؛ ومنها إقليم الجموديات وإقليم السافانا والاقليم الجاف والاقليم الجاف والاقليم المعتدل.
ومن ناحية أخرى يمكن أن تخلف التغيرات المُناخية آثارها في التباين الجيومورفولوجي الإقليمي؛ بحيث تسود في منطقة ما أشكال أرضية أنتجتها ظروف مناخية سائدة أو فترات جفاف غابرة. ومن أمثلة على ذلك انتشار طبوغرافية الكارست، أو أودية عاجزة أو متعمقة، أو سفوح تلية متراجعة، أو مراوح فيضية كبيرة وغيرها من أشكال الأرض المختلفة، التي يمكن وصفها بالحفرية وتنتشر في أقاليم جافة، بينما هي من مُخلفات ظروف مناخية رطبة سابقة.