تطور علم الجيومورفولوجيا في القرن التاسع عشر:
نستطيع تمييز مرحلتين رئيسيتيين تم ظهورهما خلال هذا القرن، حيث شكَّلا معاً قواعد لانطلاق واستمرار الفكر الجيومورفولوجي اللاحق في القرن العشرين ومن هذه القواعد:
- المرحلة الأولى: وتشمل مساهمات كل من باول وجلبرت وداتون في الولايات المتحدة الأمريكية. واهتم باول بدراسة الظواهر البنائية لسطح الأرض في القسم الغربي من الولايات المتحدة الأمريكية، كما درس خانق الكولورادو العظيم ومرتفعات يو أنتا وقارن بين أنهارها، من حيث علاقتها بالمجرى الرئيسي وحسب النشأة وظروف التكوين، حيث ميّز بين الأنهار المناضلة والأنهار الأصلية والأنهار المنطبعة، كما ينسب إليه مصطلح مستوى الأساس.
أمّا جيلبرت فيعتبر أول أميركي جيومورفولوجي، حيث يرجع إليه الفضل في وضع أسس لدراسة الجيومورفولوجية الأمريكية، كما أسس المدرسة الجيومورفولوجية الأمريكية، التي قامت بدراسة عوامل التعرية الهوائية أو الخارجية. كما اهتم جيلبرت بدراسة تشكّل المصاطب النهرية وعمليات التعرية النهرية الجانبية. كذلك درس العلاقات ما بين حمولة النهر وكمية التصريف المائي وسرعة الجريان والانحدار للطرق الكمية، كذلك التغيرات التي مرَّت بها شواطئ بحيرة بونيفل (البحيرة المالحة العظمى) الموجودة في ولاية يوتا الأمريكية.
كما درس داتون هضبة الأكوادور وأسباب تباين أشكال سطح الأرض من منطقة إلى أخرى، كذلك تعرَّض الأرض للتآكل من خلال عمليات الهدم العظمى. - مرحلة ديفز: يمكن اعتبار ويليام موريس ديفز مؤسس للجيومورفولوجيا الحديثة، حيث وضع ديفز أشكال الأرض في قالب زمني تتضمَّن ثلاثة مراحل تطورية تشكّل مجموعها دورة التعرية: مرحلة الشباب، مرحلة البلوغ، مرحلة الشيخوخه. وتتفاوت خصائص أشكال الأرض في هذه المراحل حسب ثلاثة أبعاد تتمثل في البناء الجيولوجي، الزمن والعملية. وقد سيطرت أفكار ديفز من خلال ما يُسمّى بالجيومورفولوجيا الديفيزية، على الفكر الجيومورفولوجي لفترة طويلة.
وفي ذلك يقوم سمول أن منهاج ديفز بالرغم من ضعفه وإهماله للعملية، فإنه يُقدّم الكثير خاصة فيما يتعلَّق بالمعلومات الأساسية التي تخصّ أشكال سطح الأرض. كما يُشير إلى جُملة من الأسباب التي أدَّت إلى انتشار أفكار ديفز وقبولها ومنها: تمتاز بالبساطة خاصة فيما يتعلق بافتراض الرفع التكتوني المسبق، الذي يُوفر الطاقة اللازمة لبدء واستمرار العمليات وقابليتها للتطبيق على أرض حتية متنوعة، كذلك ما تمتاز به من سهولة وسلاسة في الأسلوب والكتابة ورسم الأشكال والتوضيحات وملاءمة هذه الأفكار، مع اَراء المدرسة الاضطرادية السائدة اَنذاك.
إضافة لمساهمات ديفز العلمية فقد شهدت المرحلة الديفيزية تطورات أخرى، ساهمت في ترسيخ أسس الجيومورفولوجيا. ومن ذلك ظهور نظرية زحزحة القارات (لفيغنر) سنة 1924 وتوثيق الروابط بين الجيومورفولوجيا والجيولوجيين، حيث أصبحت الجيولوجيا والجغرافيا الطبيعية مرتبطين في نهاية القرن التاسع عشر.