اكتشاف التركيب الداخلي للأرض:
في سنة 1909 قدم رائد علم الزلازل اليوغسلافي اندريا موهوروفيشك، أول دليل مقنع لوجود نطاقات داخل الأرض. ويفصل النطاق الذي اكتشفه بين صُخور القشرة الأرضية وصُخور أخرى، ذات تركيب مختلف في الوشاح الذي يقع أسفلها. وقد سُمّي هذا الحد بالفاصل الموهوروفيشي تخليداً له. ولأسباب معروفة اختصر هذا الاسم إلى موهو.
وبالفحص الدقيق للسجلات الاهتزازية للزلازل الضحلة، وجد موهوروفيشك أن مراصد الزلازل الواقعة على مسافات أبعد من 200 كيلومتر من زلزال ما قد سجلت متوسط سرعة انتقال للموجات الأولية، أكبر من محطات التسجيل الواقعة قرب الزلزال. وبصفة خاصة فإن الموجات الأولية الواصلة إلى محطة التسجيل الأقرب أولاً، كان متوسط سرعتها حوالي 6 كيلومترات في الثانية.
وبالمقارنة فإن الطاقة الاهتزازية المسجلة عند المحطات البعيدة تنتقل بسرعة تقارب 8 كيلومترات في الثانية، فهذا التغير المفاجئ في السرعة لا يتناسب مع الوضع السائد الذي تم تسجيله من قبل. وقد استنتج موهوروفيشك من هذه المعلومات أن هناك نطاقاً يقع إلى عمق 30 كيلومتراً له خصائص طبيعية تختلف عن القشرة الخارجية للأرض. كما نلاحظ أن أول مسار يصل إلى محطة الرصد الواقعة على بعد 100 كيلومتر من المركز السطحي، قد انتقل في أقصر طريق مباشر عبر القشرة الأرضية.
ولكن عند محطة الرصد الواقعة على بعد 300 كيلومتر من المركز السطحي، فإن أول موجة من الموجات الأولية وصلت بعد أن دخلت وانتقلت خلال الوشاح (نطاق السرعة الأعلى). ولذلك رغم انتقال هذه الموجة مسافة أكبر فإنها قد وصلت محطة التسجيل في فترة زمنية أقصر من أي مسار آخر مباشر؛ لأنها قطعت شوطاً أكبر من رحلتها عبر منطقة ذات تركيب مختلف.
وهذا المبدأ هو مشابه تماماً لسائق سيارة في الطريق الدائري حول مدينة كيرة خلال ساعات الازدحام، فرغم أن هذا الطريق أطول إلا أنه قد يكون أسرع. وقد اكتشف عالم الزلالزل الألماني بينو جيوتن بريدج بعد سنوات قليلة فاصلاً آخر أساسياً. وقد كان السبب في اكتشاف هذا الفاصل ملاحظة ضعف الموجات الأولية، ثم اختفائها تماماً عند زاوية 105 درجة من موقع زلزالي ثم ظهورها مرة أخرى عند حوالي 140 درجة من موقع الززال نفسه، بعد مرور دقيقتين تقريباً من موعدها الذي يجب أن تظهر عنده حسب المسافة المقطوعة.