التنبؤ بالزلازل وتجنب أخطارها:
لقد تسببت الاهتزازات التي أصابت سان فرناندو بكاليفورنيا صباح يوم 9/2/1971 في وفاة 64 شخصاً وفي خسارة مادية بلغت حوالي الألف مليون دولار. وسبَّب كل ذلك زلزال معتدل القوة بلغت درجته 6.6 على مقياس ريختر واستمر لمدة 60 ثانية. ولحسن الحظ وقع الزلزال في الساعات الأولى من النهار، حيث يقل الازدحام في الطرقات والمتاجر والمدارس؛ ممَّا قلل من الخسارة في الأرواح.
ولو تهدم السد الذي يحجب بحيرة فان نورمان والذي أصابه عطب بالغ، لفقد 80.000 آخرون حياتهم ولوقعت كارثة لم يسبق لها مثيل في تاريخ المنطقة. وقد أكَّد هذا الزلزال الذي وقع في المنطقة المزدحمة لجنوب ولاية كاليفورنيا، من جديد الحاجة إلى طرق يعتمد عليها في التنبؤ بالزلازل وتفادي أخطارها. وقد أدى موقع اليابان الكير الزلازل إلى الحاجة الملحة في التنبؤ بها.
فقد نشر اليابانيون شبكة معقدة من أجهزة تسجيل الاهتزازات تمتد 200 كيلومتر في المحيط، فهناك في قاع المحيط، حيث يقل التشويش الاهتزازي، يخطط اليابانيون لتتبع موجات الاهتزاز الزلزالي (الموجات الأمامية) التي سبق الزلزال الرئيسي. وزمن المؤمل أن يتحقق بتتبع هذه الأنشطة الزلزالية الوصول إلى نظام يكفل التنبؤ بدقة بالهزات الأرضية القادمة.
ففي ولاية كاليفورنيا قد وجد أنه يسبق الزلازل المعتدلة رفع أو هبوط في الأرض وتغير في الحركة لنطاقات الصدوع، من زحف بطيء إلى توقف كامل في الحركة. ولذلك فإنه من الممكن التنبؤ بالزلازل عن طريق الاستمرار في تتبع ملاين سطح الأرض وحركة الصدوع والنشاط الاهتزازي. وقد بدأت بعض شبكات التتبع هذه عملها في مناطق أخرى بالعالم.
ورغم عدم وجود طريقة مؤكدة حتى الآن للتنبؤ بالزلازل قبل حدوثها بقليل، إلا أن هناك عدداً من التنبؤات الناجحة قد تحققت فعلاً، ففي سنة 1966 قد تم التنبؤ بزلزال في مدينة طشقند بالاتحاد السوفياتي بتتبع غاز الرادون في الآبار. والرادون هو غاز خامل ينتج عن التحلل الذري للراديوم، الذي يوجد بمقادير نادرة في بعض الصُخور. وعادة ما يبقى هذا الغاز محسوباً داخل الصُخور ولكن بعد تراكم الضغط فيها تسمح التشققات الناشئة بهروبه.
ففي الشهر الثاني من عام 1975 أمكن التنبؤ بزلزال في شمال شرق الصين قبل ساعات فقط من وقوعه. وبإعلان حالة الطوارئ بين حوالي 3 مليون نسمة للبقاء خارج منازلهم في مساء يوم بارد أمكن انقاذ عشرات الآلاف من الأرواح. وقد أكد المراقبون التقارير التي وردت من الصين بأن حوالي 90% من المباني بمدينة هاي شنق قد لحقها ضرر بالغ. فالموجات الأمامية التي سبقت هذا الزلزال قد ساعدت على التنبؤ به وقد دفعت السكان إلى الامتثال للتحذيرات.
ولسوء الحظ فقد تنبأ الصينيون بزلزال تانق شان القوى، لكنهم لم يتمكنوا من تحديد تاريخ دقيق لوقوعه، فإعلان حالة الطوارئ لزمن طويل بأن هناك زلزال قادم لم تكن من الدقة؛ بحيث تنقذ ما قد بحوالي 650.000 نسمة فقدوا حياتهم و780.000 نسمة اصيبوا بجراح. كما حدثت في الصين أيضاً تحذيرات خاطئة، ففي منطقة هونج كونج أخلى الناس مساكنهم لمدة زادت عن شهر ولم يحدث أي زلزال.
فالحوار الذي يسبق أمر اخلاء مدينة كبيرة مثل لوس أنجلوس لا بد أن يكون طويلاً، إذ لا بُدّ من الأخذ في عين الاعتبار تكاليف الاخلاء ووقت العمل الضائع ومشاكل أخرى عديدة لها علاقة بالإخلاء، ثم موازنتها بالاحتمال المتوقع للزلزال. فلا بُدّ أن يصبح التنبؤ بالزلازل علماً معتمداً قبل أن تصدر هذه التحذيرات، أمَّا عملية التحكم في وقوع الزلازل فهو أمر آخر مختلف تماماً.
وممَّا أعطى العلماء بعض التشجيع ما تم اكتشافه من أن الإنسان قد تسبب فعلاً في حدوث بعض الزلازل. وقد أتى الدليل المقنع عن احداث الزلازل بفعل الإنسان في الفترة ما بين 1962 و 1966، عندما درس النشاط الزلزالي للمحطة الكيميائية لصناعة الأسلحة بجبال الروكي قرب مدينة دنفر، فلم تُسجّل مصلحة مسح الأراضي والسواحل أي نشاط زلزالي في مدينة دنفر لمدة 80 عاماً قبل سنة 1962.
وفي تلك السنة بدأت المحطة الكيميائية في ضخ النفايات الناتجة عن إنتاج المواد الكيميائية الحربية، في بئر يبلغ عمقها 3600 متر. ففي الفترة المصاحبة لضخ النفايات من شهر 4/ 1962 إلى شهر 9/1965، أمكن تسجيل 700 هزة أرضية خفيفة من بينها 75 كانت من القوة بحيث شعر الناس بها، فقد تسبب ضخ المياه تحت ضغط في تسليك الصدع الذي كان يتراكم فيه تأثير الضغط خلال فترة زمنية. وليس التأثير المُسلك هو الذي يجعل الصُخور عبر الصدع زلقة، لكن الماء يضغط بقوة إلى الخارج في اتجاه عمودي على سطح الصدع.