تحديد العروض الدنيا:
العروض الدنيا هي العروض المحصورة بين دائرتي مدار السرطان ومدار الجدي 23.5 درجة شمالاً إلى 23.5 درجة جنوباً مروراً بخط الاستواء. وتختلف هذه العروض عن العروض الأخرى بمظاهرها الطقسية؛ وذلك لأن العوامل التي تتحكَّم بها تختلف عن العوامل التي تتحكم بالعروض الأخرى، فالمنطقة فيها فائض حراري طوال العام؛ وذلك لأن الشمس تكون عمودية عليها مرتان في العام الواحد.
أمَّا بالنسبة للضغوط فإنها حرارية المنشأ خاصة قرب خط الاستواء، كما أنها ضغوط غير متحركة كما هي ضغوط العروض الوسطى، فالضغوط المدارية ثابتة في موقعها وتستمر فترة طويلة في موقعها، كما لا وجود للمنخفضات الجوية المتحركة بمعناها المعروف. ولذلك فإن أمطار المنطقة تصاعدية في الغالب. ورياح المنطقة تقريباً ثابتة لأنها تخضع للرياح التجارية التي هي أكثر الرياح العامة استمرارية واستقراراً. ويؤثر عل المنطقة نوع واحد من أنواع الكتل الهوائية وهي الكتل المدارية بنوعيها القاري والبحري، كما تسيطر الكتلة الاستوائية على المنطقة الاستوائية طول العام، لذلك فمناخ المنطقة هو مناخ الكتلة الواحدة، حيث ينعدم الشتاء بمعناه الحقيقي وذلك لعمودية الشمس ولخضوعها لنوع واحد من الكتل.
وبالنسبة لمظاهر الجو العليا، فالمنطقة المدارية تخلو من الأمواج التي هي صفة مهمة لحركة الهواء في الأعلى في العروض الوسطى، فإن عدم وجود تباين في التسخين بين أجزاء المناطق المدارية أدى إلى عدم وجود الأشكال الموجية في الأعلى، لذلك فإن حدود المناطق المدارية في الأعلى هي التيار شبة المداري النفاث الموجود في المستوى 200 مليبار، وكل ما هو شمال التيار المداري يعود إلى العروض الوسطى. ولكل هذه العوامل تظهر في هذه العروض ظواهر طقسية غير موجودة في العروض الأخرى.
كما أن هذه الظواهر غالباً ما تتصف بالعنف، فالأعاصير المدارية تعتبر من أعنف أنواع الأعاصير ولا مثيل لها في العروض الأخرى، كما أن ظاهرة النينو التي تظهر في هذه العروض تؤثر على الطقس، من ثم المناخ وعلى مناطق شاسعة من العالم، ظاهرة لا تظهر إلا في هذه العروض. أمّا ظاهرة الرياح الموسمية التي تقتصر على هذه العروض فهي الأخرى ظاهرة فريدة من نوعها. والمؤسف إن هذه العروض لم تجد الاهتمام الكبير من الباحثين إلا في الفترة الأخيرة. ولذلك مازال هناك الكثير عن طقس ومناخ هذه المناطق.
