نشاط الإنسان كعامل جيومورفولوجي:
يشكّل سطح الأرض مسرحاً لكثير من التغييرات التي تنتج، إمّا عن طريق فعاليات أرضية باطنية تتفاوت في معدل تركيزها كالزلازل والبراكين، بالاضافة إلى الالتواءات الأرضية أو تنتج عن التفاعل القائم ما بين سطح الأرض من جهة، أيضاً ما بين الأغلفة الجوية، المائية، الحيوية من نبات وحيوان، من جهة أخرى.
ولقد استطاع الإنسان الذي لا تتعدى مدى وجوده على سطح الأرض الثانيتين، فقد من ساعة زمنية واحدة تمثّل عمر الأرض التقريبي الذي يبلغ 3.6 – 4 بليون سنة تقريباً، أن يتدخل في شخصية النظام البيئي عن طريق العمل على إحداث تغييرات هامة في الوسط الذي يعيش فيه. فالإنسان حتى البدائي منه لا بُدّ وأن يحدث تغييرات جوهرية في هذا الوسط، غير أن مدى ونوعية هذا التغيير مختلف من جماعة بشرية إلى أخرى من البشر، حيث ذلك يكون حسب نمطها الحضاري ومستواها التكنولوجي.
وإن الإنسان يتَّخذ مكانة المناسب بين المتغيرات الجيومورفولوجية الأخرى من بناء جيولوجي ومناخ ونبات؛ بحيث يمكن حصر الطُرق المختلفة التي استطاع الإنسان بواسطتها، أن يؤثر على وضع النظام الجيومورفولوجي القائم في البيئة.
إن العمل على دراسة مثل هذه العلاقات المتبادلة بين الإنسان والأنظمة الجيومورفولوجية، تتضمن شرح مختلف النشاطات الحضارية ذات الفاعلية الجيومورفولوجية المباشرة، بخاصة ما يمكن الإشارة إليه هنا بمظاهر الاستنزاف الأرضي كأعمال التحجير والتعدين وعمليات ضخ الغاز الطبيعي، أو النفط أو الماء الباطني، بالاضافة إلى مظاهر التغيير البيئي الذي يتم عن طريق تدمير بعض العناصر الطبيعية القائمة وإقامة مظاهر حضارية جديدة، كما هو الحال في إزالة الغطاء النباتي وإقامة المنشئات العمرانية المختلفة، المتمثلة في بناء المدن وشق الطرق وحفر الأنفاق ومشاريع الري بالإضافة إلى الصرف الصحي أيضاً.
كما يمكن العمل على إبراز مدى استجابة العمليات الجيومورفولوجية وأشكال الأرض لمثل هذه الأنشطة. كما أنه وبشكل خاص في مجالات الناتج الرسوبي والتعرية المائية والريحية والانهيارات الأرضية أيضاً، كذلك التميز فيما بينها من حيث دورها في تحقيق التوازن، أو الاضطراب في النظام الجيومورفولوجي، فبينما تقوم بعض هذه الأنشطة بخدمة الاتزان النظامي وتحافظ على استمراريته، فإن البعض الآخر ينتهي بالاضطراب وعدم الاستقرار النظامي.