نموذج ميلانكوفيتش:
في الوقت الحاضر يعتقد الكثير من العلماء أن التقلّب الذي ميّز مُناخ البلايستوسين، كان سببه تغيّر في مدار الكرة الأرضية. وكان أول من تقدَّم بهذه الفرضية عالم يوجوسلافي يُدعى مولتن ميلانكوفيتش. ومفادها أن التغيرات في كمية الإشعاعات الشمسية القاددمة إلى الكرة الأرضية هي العامل الرئيسي لتحكم في المُناخ. ووضع لذلك ميلانكوفيتش نموذجاً رياضياً مفصلاً بناء على المعطيات التالية: الانحراف على مدار الأرض حول الشمس (الاختلاف المركزي).
والتغيّر في الميلان أي الزاوية بين المحور وسطح مدار الأرض (مقدار الميل)، بالإضافة إلى تذبذب محور الأرض. وباستعمال هذه العوامل حسب ميلانكوفيتش مقدار التغير للطاقة الشمسية وعلاقتها بدرحة حرارة سطح الكرة الأرضية، خلال الزمن الجغرافي؛ وذلك لمحاولة ربطها بالتبدل في مُناخ البلايستوسين. ولتفسير التغير في المُناخ بسبب هذه المعطيات الثلاثة، يلاحظ أن تأثيرها إن وجد بسيط ولا يذكر في كمية الطاقة الشمسية التي تصل إلى الأرض.
وعموماً يتم الشعور بهذه التغيرات بزيادة في درجة التباين بين فصول السنة، فاعتدال درجة الحرارة في المناطق البعيدة ومتوسطة البعد من خط الاستواء يعني زيادة في كمية الثلوج المتساقطة، بينما انخفاض درجة الحرارة صيفاً يحد من ذوبان الثلج وقد تم قبول نظرية ميلانكوفيتش الفلكية على مدى واسع، ثم قبلت برفض تبعة قبولها مرة أخرى على ضوء الدرايات الحديثة. ومن الدراسات الحديثة التي ساهمت في مساندة هذه النظرية والوقوف إلى جانبها دراسة بعض الرسوبيات من أعماق بحيرة كبيرة تحوي أحياء دقيقة ذات حساسية عالية للتغير المناخي، وذلك بغرض وضع دليل منظم للتغيير في درجة الحراة طوال نصف مليون سنة.
وقد قورن هذا المقياس الزمني للتغير المُناخي بالحسابات الفلكية لاختلاف المركز ومقدار الميل والتذبذب؛ وذلك للتأكد من وجود أسس للمقارنة. وبالرغم من عمق الدراسة وتعقيد حساباتها، إلا أن النتيجة كانت واضحة حيث وجد الباحثون أن التغير في المُناخ على مدى عدة مئات من آلاف السنين مضت لها علاقة مباشرة بشكل مدار الأرض؛ أي أن دورات التغير المُناخي كانت متزامنة مع أوقات الاختلاف المركزي والميل والتذبذب في محور الأرض. وقد بينوا بالتحديد أن التغير في شكل مدار الأرض هو السبب الرئيسي لتوالي العصور الجليدية خلال الدور الرباعي.