أعماق الزلازل وأحزمتها:
تتركَّز 95% من الطاقة المحررة بواسطة الزلازل في بضعة نطاقات ضيقة تطوق الكرة الأرضية. وينطلق أكبر مقدار من الطاقة في ممر قرب الحافة الخارجية للمحيط الهادي يعرف بالحزام المطوق للمحيط الهادي، حيث يشمل هذا الحزام مناطق ذات زلازل شديدة، مثل اليابان والفلبين وتشيلي وعدد من سلاسل الجزر البُركانية والتي تمثلها الجزر الأليوشية. وهناك منطقة أخرى يتركز فيها النشاط الزلزالي القوي تمتد عبر المناطق الجبلية المحاذية للبحر المتوسط عبر ايران وشرقها إلى مركب جبال الهمالايا.
وكما يشير إلى وجود حزام آخر مستمر يمتد آلاف الكيلومترات عبر محيطات العالم. ويتوافق النطاق مع نظام مرتفعات وسط المحيطات التي تمثل منطقة نشاط زلزالي متكرر ولكنه ضعيف الحِدَّة. ويتضح من دراسة السجلات الاهتزازية أن الزلازل تنشأ عند أعماق تتراوح بين 5 و 100 كيلومتر.
وبطريقة مُتّفق عليها، تم تصنيف بؤر الزلازل حسب العمق الذي تحدث عنده، فالزلازل التي تنشأ عند أعماق لا تزيد عن 60 كيلومتراً من سطح الأرض تعرف بأنها زلازل ضحلة. أمّا التي تنشأ بين 60 و 300 كيلومتر فتعتبر زلازل متوسطة، بينما تُصنَّف الزلازل التي تقع بؤرها عند أعماق تزيد على 300 كيلومتر بأنها عميقة. ويقع حوالي 90% من الزلازل عند أعماق تقل عن 100 كيلومتر.
ويبدو أن جميع الزلازل القوية تنشأ عند أعماق ضحلة، فمثلاً في زلزال 1906 بسان فرانسيسكو شملت الحركة الخمسة عشر كيلومتراً العليا للقشرة الأرضية، في الوقت الذي كان لزلزال 1964 بألاسكا بؤرة عند عمق 33 كيلومتراً. ويتضح من المعلومات الاهتزازية أن الزلازل ذات البؤر الضحلة قد وصلت حوالي 8.6 على مقياس ريختر، بينما كانت شدة أقوى الزلازل المتوسطة تحت 7.5، أمّا الزلازل ذات البؤر العميقة فلم تتجاوز 6.9 في مقدارها.
وعند رسم معلومات الزلازل حسب موقعها الجغرافي وعمقها يمكن الحصول على عدة ملاحظات قيمة، فبدلاً من التوزيع العشوائي للزلازل الضحلة والعميقة، يتضح وجود نمط محدد لهذا التوزيع، فقد وجد أن الزلازل التي تقع على امتداد نظام مرتفعات وسط المحيطات لها بؤر ضحلة دائماً وهي عموماً زلازل ضعيفة. كما لوحظ أيضاً أن كل الزلازل عميقة البؤر تقع في الحزام المطوق للمحيط الهادي، وعلى الأخص في المناطق التي تقع في اتجاه اليابسة من خنادق المحيق العميقة.