الآثار الجغرافية للمياه الجوفية:
إن الصُخور القابلة للذوبان وخاصة الحجر الجيري تغطي ملايين الكيلو مترات المربعة، كما تقوم المياه الجوفية بدور رئيسي في تعريتها وذلك بإذابة هذه الصُخور، فالصُخور الجيرية غير القابلة تقريباً للذوبان في المياه النقية يمكن إذابتها إذا ما حَوت المياه المؤثرة فيها نسبة قليلة من حامض الكربونيك. وذوبان ثاني أكسيد كربون الهواء الجوي أو الناتج عن تحلل النباتات يزود معظم المياه الطبيعية بهذا الحامض الضعيف.
وعند مرور المياه الجوفية بالصُخور الجيرية يتفاعل حامض الكربونيك مع كالسيت هذه الصُخور، مُعطياً بيكربونات الكالسيوم القابلة للذوبان في الماء. وبالتالي يتم نقلها بواسطة المياه الجوفية المتحركة. ومن أشهر أعمال التعرية للمياه الجوفية تكوين المغارات بالصُخور الجيرية. والمغارات متباينة الأحجام بعضها صغير والبعض الآخر كبير جداً. فمثلاً أحد التجاويف بمغارة كارلسباد بنيومكسيكو تتسع إلى أكثر من أربعة عشر ملعباً لكرة القدم وارتفاع يسع مباني ناطحات السحاب، والمثل الثاني مغارة الماموت بكونتاكي والتي تبلغ طول تجاويفها المتصلة خمسون كيلومتراً.
ويعتقد أن معظم المغارات قد تكوَّنت عند أو تحت المنسوب المائي بالنطاق المشبع، حيث يتتابع مرور المياه الجوفية بمواقع الضعف في الصُخور مثال التصدعات والسطوح الطبيعية. وبمرور الوقت تستمر عملية اذابة الصُخور في مناطق الضعف وتتكون فجوات تتسع ببطء، حاملاً الماء المواد المذابة منها إلى مجاري تصريف المياه الطبيعية.
وبالطبع فإن من أهم المعالم التي تُثير فضول زائري هذه المغارات، فالمظهر المدهش الذي تُشكّله من ظاهرة تنقيط الماء بتجويف المغارة على مدى طويل مرسباً صخر الترافرتين، الذي غالباً ما يُعرف بحجر القُطر اشارة واضحة إلى أصل تكوينة. وبالرغم من أن المغارات تتكون في النطاق المشبع إلا أن تكوينات الصُخور المترسبة داخلها لا يمكن أن تتراكم إلا بعد أن تصبح المغارة فوق هذا المستوى، أي داخل النطاق الهوائي. وهذا غالباً ما يحدث إذا ما قطع النهر في مجراه مسبباً نزولاً في المستوى المائي تبعاً لمنسوب النهر.
وبمجرَّد امتلاء المغارة بالهواء تكون جاهزة لمرحلة بنائها وزخرفتها من الداخل. وأحجار القُطر الموجودة في المغارات على اختلاف أشكالها تعرف بالسبيليوتيم. ويلاحظ أن لكل منها شكل خاص مميز لا يماثل تماماً أي من الأشكال الأخرى. ومن أكثر أحجار القُطر شيوعاً تلك التي تعرف بالهوابط وهي تشبه الدّلاه الجليدية المُعلّقة بأسقف المغارة، حيث ينساب الماء قرب مواقع التشقق.