الحواف الأرضية المتقاربة:
تتكوَّن وباستمرار عند مراكز الانفراج إضافات جديدة لغلاف الأرض الصخري، حيث أن مساحة سطح الأرض الكلية ثابتة لا تتغير فإن هذا الغلاف لا بُدّ وأنه يستهلك بنفس المعدل. وقد وجد أن نطاق تقارب الألواح هو الموقع الذي يستهلك فيه غلاف الأرض الصخري، فعند ارتطام لوحين تنثني حافة أحدهما وتغوص تحت الأخرى. وعند دخول مقدمة اللوح إلى النطاق الوهن الساخن ترتفع درجة حرارتها وتفقدها تماسكها.
وعادة ما يكون طرف اللوح الغائر بارداً نسبة إلى ما حوله داخل النطاق الوهن وبسُمك يبلغ حوالي 100 كيلومتر أحياناً، فقد يصل هذا الجزء الغائر إلى عُمق 700 كيلومتر حسب زاوية الميل قبل أن يستوعب بالكامل داخل الوشاح العلوي، حيث أن جميع النطاقات المتقاربة متشابهة في الأساس، فإن طبيعة ارتطام الألواح تتأثر بنوعية مادة القشرة الأرضية.
فقد يحدث الارتطام بين لوحين محيطيين أو لوح محيطي والآخر قاري أو بين لوحين قاريين، فكلما التقت حافة لوح تعلوه قشرة قارية بأخرى محيطية فإن المواد القارية الأقل كثافة تبقى دائماً طافية، بينما يغوص طرف القشرة المحيطية الأكثر كثافة في النطاق الوهن. ويُسمَّى الموقع الذي تغوص في الألواح المحيطية بنطاق الغوص. وبانزلاق اللوح المحيطي تحت اللوح الذي يعلوه ينثني اللوح المحيطي مكوّناً خندق أعماق البحار وذلك بمحاذاة نطاق الغور.
وقد يبلغ طول الخنادق المكوّنة بهذه الطريقة آلاف الكيلومترات ويتراوح عمقها بين 8 ، 11 كيلومتراً. وإن التقارب المحيطي القاري عند ارتطام مسطح محيطي بكتلة قارية، فإن القشرة المحيطية تنثني ثم تغوص في النطاق الوهن. وأثناء نزول المسطح المحيطي تقوم الكتلة القارية من فوقهما بكشط ما يعلوها من رسوبيات غير متماسكة، فقد دلّت الدراسات التي أجريت بالشواطئ الغربية للمكسيك موقع غوص طرف لوحة الكوكس بأن حوالي نصف الرسوبيات تتم إزالتها بهذه الوسيلة.
وبناء عليه فإننا نجد أن مثل هذه الظاهرة تضيف المزيد من الرسوبيات، التي تتراكم على طول القارة ذلك نتيجة لعوامل التعرية. وعند هبوط اللوح الذي يتحرك ودخوله النطاق الوهن الساخن، فإن جميع مكوناته وما يحمله من رسوبيات تكون مشبعة بالماء تبدأ في الانصهار. وبالرغم من أن هذه العملية غير مفهومة التفاصيل إلا أن الانصهار الجزئي لهذا الخليط من الصُخور البازلتية والرسوبيات يعطي صهيراً مماثلاً لصُخور الأنديسيت أو الجرانيت أحياناً.
وكما أن الصهير الناتج يكون كثافته أقل من صُخور الوشاح، حيث أن هذه المكونات تبدأ بالصعود بشكل تدريجي في حال تراكم كميات كافية منها، كما أن معظم الصهير الصاعد يبرد ثم يتبلر عند أعماق تبلغ عدة كيلومترات. أمَّا الباقي فقد يخرج على السطح لينتج عنه تفجيرات بركانية أحياناً. ويعتقد أن الأجزاء البركانية بجبال الأنديز قد تكوَّنت بهذه الطريقة عند انصهار لوح النازكا أثناء نزوله تحت قارة أمريكا الجنوبية.
وما الزلازل المتكررة الحدوث بجبال الأنديز إلا دليل على النشاط الذي يحدث عند الأعماق بعيداً عن أبصارنا. وتُسمَّى الجبال التي يعتقد أنها تكونت جزئياً بنشاط بركاني مصاحب لنطاق الغور، مثل جبال الأنديز بالأقواس البركانية وتوجد مثل هذه الأقواس في بقاع أخرى من العالم.