المصاطب النهرية:
في كثير من الحالات يتعرَّض منسوب سرير النهر إلى الانخفاض؛ نتيجة لحت رأسي فاعل سببه إمّا الهبوط التكتوني في بيئة المصب أو تغير مستوى الأساس، بفعل تراجع مياه بيئة المصب التي قد تكون بحراً داخلياً أو بُحيره، أو نتيجة لحدوث تغيرات مُناخية، تؤثر على العلاقات القائمة بين التصريف المائي والحمولة الرسوبية للأنهار.
ومع استمرار تعميق المجرى تنكشف أشرطة أو نطاقات صخرية أو رسوبية على طول مجرى النهر، لتشكل ما يسمى بالمصاطب النهرية. وفي حالة حدوث التعميق النهري في طبقات صخرية متتالية تنشأ مصاطب صخرية، بينما إذا حفر النهر في سيله الفيضي وبصورة متكررة ينشأ مصاطب رسوبية.
وتعكس المصاطب الرسوبية مراحل تطور الوادي؛ بحيث تمثل من خلال مناسيبها واستمراريتها وأحجامها ونوعية المواد التي تتكوَّن منها ظُروفاً مُناخية أو تصاريف مائية قديمة، ذلك على عكس المصاطب الصخرية ومدى مقاومتها للحت الرأسي النهري، كذلك قد يعمل الهبوط التكتوني في بيئة المصب على تصابي عمليات الحت الرأسي؛ بحيث تُمكّن النهر من تعميق مجراه سواء في المكاشف الصخرية أو في سهله الفيضي، مُخلّفاً نطاقاً من المصاطب النهرية في المناسيب الأعلى.
غير أن تعميق النهر لمجراه القديم يكون أكثر انعكاسا للتغيرات المناخية الأكثر تكراراً، بالمقارنة مع الحركات التكتونية والتي توجه النهر إلى النشاط الترسيبي وتكوين سهولاً فيضية تتعدد، مع تكرار انتشار الظروف المُناخية الجافة، في حين يعمل على حفر مجراه في هذه السهول تباعاً مع تزايد تصريفه المائي، خلال الفترات المُناخية الرطبة أو المطيرة. ومع تكرار تعاقب المُناخ الجاف والمُناخ الرطب تتطور المصاطب النهرية، إثر كل عملية تعميق يمارسها النهر في كل سهل فيضي ناشئ.
وبذلك فإن منسوب أي نطاق من هذه المصاطب يمثل سهلاً فيضياً نشأ قديماً بمحاذاة النهر. وبذلك يمكن تمييز هذه المصاطب النهرية حسب عوامل نشأتها إلى مجموعتين:
- مصاطب ناتجة عن التذبذبات المُناخية وترتبط بتكرار تعاقب عمليات الحت والترسيب. ويُشار إليها بالمصاطب متعددة الدورات وفي الغالب تكون هذه المصاب متناظرة.
- مصاطب ناتجة عن عوامل تكتونية تتم من خلال تعاقب عمليات الرفع والهبوط التكتوني، بشكل متقطع وبصورة عامة لا يعتبر أي نوع من المصاطب النهرية معزولاً عن عوامل الهدم.