نظرية القعيرة العظمى:
هناك عدة نظريات تتناول نشأة أحزمة بناء الجبال، إذ يقترح افتراض قديم أن الجبال هي عبارة عن تجعّدات في القشرة الأرضية نتجت عن البرود التدريجي للأرض، بعدما كانت في حالة منصهرة تماماً. فعندما بردت الأرض وتقلَّصت تشكلت القشرة لتناسب صغر الحجم الذي طرأ على الأرض مثلما تتجعد قشرة البرتقال عند جفافها. ولكن لم يزيد هذا الافتراض على غيره من الافتراضات القديمة على الوقوف أمام الإمتحان، ففي تلك الفترة قام العالم المرموق جيمس هول سنة 1850 ميلادي بدراسة للطبقات الرسوبية المشكلة، لهذا الجزء من جبال الأبالاش الواقعة في ولاية نيويورك وحولها.
وبعد فحص ملامح مثل مستحاثات المياه الضحلة وعلامات النيم والتشققات الطينية، استنتج هول هذا السُّمك الهائل من الصُخور التي تتراكم في مياه لا يزيد عمقها عن عدة مئات من الأمتار. ولكن كيف يصح أن يتراكم عمود صخر سُمكه عدة آلاف متر في حوض لا يزيد عمقه عن عدة مئات من الأمتار؟. ولكي يحسب حساب هذه التراكمات السميكة اعتقد هول أنها تراكمت في منخفض رسوبي هائل يهبط ببطء. وحسب رأي هول فإن هذا المنخض الرسوبي الطولي الذي سُمِّي فيما بعد بالقعيرة العظى قد هبط قاعه ببطئ كافي لمواكبة تراكم الرسوبيات المستمر.
وبعد ربع قرن تقريباً عمل جمس دانا على التوسع في تصور نظرية القعيرة، فقد افترض أنه عند تراكم سُمك كبير من الرسوبيات تبدأ القوى الأفقية الموجهة من الجانب المحيطي للقعيرة على ضغط الرسوبيات، إذ تعمل هذه القوى الضاغطة على تقليص القشرة وزيادة سُمكها؛ ممَّا ينتج عنه نظام جبلي شاهق الارتفاع بينما يتم ضغط معظم الرسوبيات إلى أسفل في أعماق الأرض. وبذلك وجد سلسلة مُركَّبة من الصُخور الرسوبية والبركانية التي اعتراها الطي والتصدّع. وقد وجد العلماء أنه يمكن تطبيق مبدأ القعيرة العظمى على نظم جبلية أخرى مركبة مع بعض التعديلات فيه.
وبناءً على هذه الدراسات وعلى تاريخ تطور جبال الأبالاش أمكن وضع تصور للقعيرة العظمى، على أساس أنها تتألف من وحدتين متميزتين. والوصف الذي وصفه جيمس هول على أنه يتألف من رسوبيات المياه الضحلة وهي حجر رملي نقي وحجر جيري وحجر طيني، ترسَّبت جميعها في منخفض طولي عرفت فيما بعد بالقعيرة القارية العظمى.