مدينة كاراكوروم في منغوليا ومعالمها الأثرية

اقرأ في هذا المقال


“Karakorum City” وكانت تعتبر عاصمة إمبراطورية المغول وتعتبر إحدى أهم المدن التاريخية في منغوليا، حيث تحظى المدينة بالاهتمام كخليفة للمراكز الحضرية الأخرى للأنظمة السياسية البدوية، في وادي نهر أورخون في شمال وسط منغوليا.

تاريخ مدينة كاراكوروم

يعود تاريخ المستوطنة نفسها إلى حوالي عام 1220م، عندما أنشأ جنكيز خان معسكراً للخيام في نقطةٍ، حيث يتحول وادي نهر أورخون إلى مراعي مستوية، حيث أدرك القائد الماهر والموحد الأسطوري لقبائل البدو الرحل الإمكانات الاستراتيجية لموقع المخيم، وبعد وفاة جنكيز خان عام 1227، اختار ابنه وخليفته أوجودي الموقع نفسه ليكون عاصمة للإمبراطورية، حسب موسوعة بريتانيكا، وقام أوجودي والخانات اللاًحقة ببناء قصر فخم واستضافوا الدبلوماسيين والتجار والحرفيين الصينيين والتجار المسلمين وغيرهم من المسافرين على طول طريق الحرير.

تقع المدينة في موقعٍ استراتيجي على أهم طريق بين الشرق والغرب عبر منغوليا، وليس بعيداً عن نهر “Orkhon”، حيث أعتبر وادي النهر هذا موطناً مقدساً من قبل شعوب السهوب الذين وضعوا عواصمهم هناك تقليدياً، وتشير النقوش التركية والصينية والأويغورية والصغدية من المنطقة، والتي يعود تاريخها إلى القرنين الثامن والتاسع الميلادي، إلى أن المنطقة أصبحت مركزاً مزدهراً لا فقط للزراعة المحلية، ولكن أيضاً من ثقافات الشعوب التي عاشت حول أراضي السهوب.

أمضى المؤلف الرئيسي يان بيمان، عالم الآثار بجامعة بون، وفريقه 52 يوماً في مسح مساحة 465 هكتاراً باستخدام الحبار، أو جهاز التداخل الكمي فائق التوصيل، ثم قام الفريق بدمج هذه البيانات مع الصور الجوية والسجلات التاريخية والمسوحات السابقة، مما أدى إلى إنشاء عرض تفصيلي لكثافة المدينة وبنيتها، وكانت الدراسات السابقة لكاراكوروم تقتصر في الغالب على داخل أسوار المدينة، لكن فريق بيمان وجد أن العاصمة المنغولية امتدت إلى وادي نهر أورخون أكثر مما كان يعتقد سابقاً. حيث تنتشر مستوطنات التوريد ومواقع الإنتاج والمساكن والشبكات الأخرى على طول المنطقة.

قام وليام روبروك، وهو راهب فلمنكي فرنسيسكاني، بجولةٍ في كاراكوروم عام 1254 وكتب سرداً لأسفاره، ووفقاً لجامعة واشنطن، تشكل كتاباته واحدة من أقدم الأوصاف وأكثرها تفصيلاً للإمبراطورية المغولية من منظور الغربي، كما كتبت أبيجيل تاكر لمجلة سميثسونيان في عام 2009، كان الراهب مفتوناً بعظمة قصر كاراكوروم العظيم، وقد أعجب بشكلٍ خاص بنافورة فضية كبيرة على شكل شجرة تقف عند مدخل القصر، وعند الاستدعاء، كان الخدم يستخدمون النافورة لتوزيع المشروبات مثل النبيذ وحليب الفرس المصفى ومشروب العسل ونبيذ الأرز.

توفر الأدلة الأثرية مزيداً من التفاصيل لهذه الصورة للحياة الاقتصادية للمدينة، مع استمرار العثور على موادٍ غنية بشكلٍ خاص في القسم التجاري الصيني في وسط المدينة، كانت كاراكوروم مركزاً للتعدين، وقد تم اكتشاف المراجل الحديدية وحلقات المحور للعربات وكميات وفيرة من رؤوس الأسهم والعديد من الأشياء المعدنية المزخرفة، كما أنتجت الصناعة المحلية الخرز الزجاجي للمجوهرات ولأغراض الديكور الأخرى؛ كانت أشكالهم من النوع الذي كان منتشراً في جميع أنحاء الإمبراطورية المغولية.

المعالم الأثرية في مدينة كاراكوروم

تضمنت المباني الدائمة في مدينة كاراكوروم قصر خان والعديد من القصور الفرعية الكبيرة، واثني عشر معبداً بوذياً ومسجدين وكنيسة مسيحية شرقية واحدة، وكان للمدينة سوراً خارجياً بأربع بوابات وخندق مائي، وكان للقصر الرئيسي جداره الخاص، ووجد علماء الآثار أن سور المدينة يبلغ طوله من 1 إلى 1.5 ميل، ويمتد إلى الشمال من دير إردين زو الحالي، كما تحتوي المدينة على الكثير من الشوارع الرئيسية الممتدة وسطها، كما كان هنالك مساحةً كبيرة، حيث كان المغول ينصبون خيامهم فيها.

قام عالم الآثار الروسي “S.V. Kiselev”، الذي أجرى أول تنقيب واسع النطاق في أرض كاراكوروم في عام 1949، بدراسة أجزاء من بقايا المباني الرئيسية في وسط المجمع أو القاعة المحاطة بالأسوار الواقعة في الجنوب الغربي من دير إردين زو، لاستنتاج أن القاعة كانت “قصر تومين أمغالانت” لأوغودي خان، ومع ذلك، فإن عدداً كبيراً من العناصر الدينية والتماثيل والزخارف التي كشفت عنها الحفريات الأثرية تثبت أنها كانت أطلال معبد تسوغت البوذي العظيم في كاراكوروم أو القاعة الكبرى، حيث حظي المعبد الضخم الذي وُضعت أعماله الأساسية في عهد أوغودي خان؛ لإكماله خلال الفترة التي حكمها مونخ خان، بالاحترام والتعبد من قبل الخانات المنغولية، كما تم تجديد المعبد في عام 1311 باستخدام الأموال من خزينة الخان، وتم تجديد آخر باهظ التكلفة في المعبد طوال فترة أربع سنوات بين عامي 1342 و 1346.

وأكثر من ثلثي ما يقرب من 17000 اكتشاف تم اكتشافه من خلال الحفريات الأثرية الكاملة لأطلال قاعات المعبد، مرتبطة بالبوذية، تم اكتشاف أربع حالات بوذية في عام 2014 من قبل فريق التنقيب من أربع زوايا للمعبد، تثبت الدليل على أن المعبد هو معبد تسوغت البوذي العظيم وهو المعبد البوذي المسمى “تسوغتس إيخ سمين جير”، والذي تم وصفه في النصب التذكاري المكتوب باللغة أقيمت “Karakorum” المنغولية والصينية عام 1347.

وفي عام 2015 أعيد بناء جدار ومراحل لمنصة المعبد على أساس البحث بتمويل منغولي ألماني مشترك في عام 2015؛ بهدف الحفاظ على الاكتشافات الأثرية للقاعة الكبرى والعرض العام للنتائج.

المصدر: كتاب الموجز في علم الآثار للمؤلف الدكتور علي حسنكتاب موجز تاريخ علم الآثار للمؤلف الدكتور عباس سيد أحمد محمد عليكتاب عجائب الآثار في التراجم والأخبار للمؤلف عبد الرحمن الجبرتيكتاب علم الآثار بين النظرية والتطبيق للمؤلف الدكتور عاصم محمد رزق


شارك المقالة: