نبذه عن مدينة كراكوف:
واحدة من أقدم المدن في بولندا، أثبتت الأدلة الأثرية وجود مستوطنات في منطقة كراكوف في وقت مبكر من العصر الحجري القديم مع الأدوات الحجرية التي تم العثور عليها التي يعود تاريخها إلى 5000 قبل الميلاد، كما تنسب الأسطورة تأسيس المدينة إلى كراكوس هو الحاكم الأسطوري الذي هزم تنين فافل، من المحتمل أن تكون التلال الترابية الغامضة التي سميت باسم كراكوس وابنته واندا الواقعة في منطقتي بودجورز ونووا هوتا على التوالي قد بنيت في القرن السابع.
ومع ذلك فإن المؤرخين يؤرخون لاستيطان البلدة القديمة في كراكوف في وقت لاحق قليلاً في القرن الثامن، وينسبونها إلى قبيلة من السلاف الوثنيين المعروفة باسم فيستولان، وبحلول عام 966 تاريخ أول سجل مكتوب لاسم المدينة نمت كراكوف بالفعل؛ لتصبح مركزاً تجارياً مزدحماً ويرجع الفضل في ذلك جزئياً إلى تجارة الكهرمان.
في أواخر القرن التاسع حكم مورافيون المنطقة، وانتقلوا بعد ذلك بوقت قصير إلى الحكم البوهيمي قبل أن يتم دمجهم في إمارة سلالة بياست في التسعينيات، وبالتالي إنشاء مملكة بولندا، كما تطورت المدينة بسرعة وحصلت على أسقفيتها الخاصة في عام 1000، وفي عام 1038 أصبحت كراكوف عاصمة بولندا، حيث أصبحت قلعة فافل الملكية مقر إقامة الملوك البولنديين.
تميز القرن الثالث عشر بغزوات مغولية متواصلة، وحدث الأول في عام 1241 عندما دمرت المدينة بالكامل تقريباً، ولكن أعيد بناؤها بإخلاص في الوقت المناسب ليتم تدميرها مرة أخرى في عامي 1259 و 1287، بعد هذا الإحراج الأخير، كانت المدينة محاطة بـ 3 كيلومترات من الجدران الدفاعية والأبراج والبوابات التي سيتم تحديثها على مدى القرون القليلة القادمة.
ازدهرت كراكوف بشكل خاص تحت حكم كازيميرز الكبير 1333-1370، الذي وسع قلعة فافل، وأنشأ مدينتين جديدتين كليبارز وكازيميرز اللتين ارتبطتا ارتباطاً وثيقاً بكراكوف، وتم دمجهما لاحقاً في كراكوف، كما أسس في عام 1364 أكاديمية كراكوف المعروفة الآن باسم جامعة جاجيلونيان، وهي واحدة من أقدم مؤسسات التعليم العالي في أوروبا.
استمر الازدهار خلال السلالة البولندية الليتوانية المشتركة 1386-1572، حيث شهدت كراكوف عصرها الذهبي. وصل الفنانون الموهوبون والإنسانيون والعلماء من عصر النهضة في إيطاليا وألمانيا لإنشاء مباني جديدة رائعة ومنحوتات ولوحات جدارية وأعمال فنية أخرى، وتحولت قلعة فافل إلى لؤلؤة فن العمارة في عصر النهضة.
ومع ذلك بعد عدة قرون من الأوقات العصيبة بدأت ثروات المدينة تتحول مع وفاة الملك زيجمونت الثاني عام 1572 الذي لم يترك وريثاً، ومع انتقال العرش إلى بيت فاسا السويدي بدأت أهمية كراكوف في الانخفاض مما أدى إلى قرار سيجيسموند الثالث بنقل العاصمة البولندية إلى وارسو في عام 1594، ومع ذلك حافظت كراكوف على دورها كموقع رسمي للتتويج الملكي والدفن، كما تميز القرن السابع عشر بنهب الغزو السويدي 1655 ونوبة الموت الأسود التي أودت بحياة 20.000 ساكن.
كراكوف مدينة وعاصمة مالوبولسكي ووجيوودتزتو مقاطعة جنوب بولندا، وتقع على جانبي نهر فيستولا العلوي، وهي واحدة من أكبر المدن في بولندا، وهي معروفة في المقام الأول بهندستها المعمارية التاريخية العظيمة وقيادتها الثقافية، كما صنفت اليونسكو منطقة البلدة القديمة كموقع للتراث العالمي في عام 1978، وسوقها الساحة الرئيسية موجود منذ القرن الثالث عشر وتم وضع منطقة حديثة ذات مناظر طبيعية في موقع التحصينات السابقة.
أبرز المعالم الأثرية في مدينة كراكوف:
المدينة القديمة التاريخية:
أدخلت اليونسكو المدينة القديمة بأكملها في قائمة التراث العالمي، حيث يعود تاريخها إلى القرون الوسطى وتحديداً في عام 1257 على يد الأمير بوليسلاف الخامس، وهي المنطقة المركزية التاريخية في كراكوف بولندا، وهي واحدة من أشهر المناطق القديمة في البلاد، ولا عجب في ذلك فقد كانت مركز الحياة السياسية في بولندا من 1038 حتى 1596.
مدينة القرون الوسطى كما يطلق عليها أيضاً، وهي واحدة من الأثار التاريخية الوطنية الرسمية، كما تقع المدينة التاريخية القديمة في قلب المدينة، وتمثل المحور النابض بالحياة في كراكوف مع العديد من المعالم والكنائس العريقة والساحات والمتاحف والمعارض الفنية والمسارح وعدد لا يحصى من المتاجر والفنادق وأفضل المطاعم والمقاهي، ولا تزال المدينة محفوظة جيداً.
كاتدرائية فافل:
هي من أهم المعالم في المدينة التي يعود تاريخها إلى القرون الوسطى، كما تتسم الكاتدرائية بالأناقة والعمارة التوسكانية الفريدة، كما أنها غنية بالزخارف المنحوتة والتفاصيل المعمارية والتماثيل الأثرية والقبة الذهبية المميزة، وتعود أهميتها العظيمة إلى أنها مكان لتتويج الملوك، فضلاً عن كونها موقع دفن الملوك والأبطال الوطنيين والشعراء والقديسين والأساقفة، كما أنها مكان يضم العديد من الأشياء الفنية الهامة من القوطية إلى الحديثة، حتى إن الكثير من السائحين يؤكدون أن هذا هو المكان الأكثر أهمية في كل بولندا.
ساحة السوق الرئيسية:
هي من أكبر الساحات تاني يعود تاريخها إلى القرون الوسطى في جميع أنحاء أوروبا، التي تتميز بشوارعها التي تحاكي عبق التاريخ بين أركانها إلى جانب المنازل التاريخية والكنائس والمباني الأثرية المحاطة بالساحة، ويطلق عليها أيضاً اسم رينك غلوني، الساحة الرئيسية في كراكوف هي السوق المركزي للمدينة، ومن أجمل الساحات في العالم و تبلغ مساحتها 5 أفدنة.
كما يوجد عدد من المعالم الأثرية التي مازالت قائمة في الساحة أو بالقرب منها، مثل قاعة القماش و برج مجلس المدينة وكنيسة سانت ماري وكنيسة القديس أدلبرت وعدد من المنازل القديمة ذات الواجهات الكلاسيكية، بالإضافة لعدد لا يحصى من المحلات التجارية و المطاعم و المقاهي.
قلعة فافل الملكية:
هي من أهم المعالم الأثرية في المدينة التي يعود تاريخ بناءها إلى القرن الحادي عشر، كما أنها مدرجة ضمن قائمة اليونسكو للتراث العالمي، حيث تتميز القلعة بهندسة معمارية فريدة تجمع بين مختلف الأنماط بدءاً من الرومانسيك إلى الباروك، وتقع القلعة على قمة تل في الجهة الجنوبية من البلدة القديمة وتطل على نهر فيستولا، والتي تعتبر الأن بمثابة متحف مقسم إلى خمسة أقسام مختلفة، بما في ذلك تاج الخزانة ومستودع الأسلحة وغرف الدولة وشقق رويال الخاصة، ومعرض الفن الملكي، مع مجموعة من الكنوز الأثرية والمقتنيات التاريخية الفريدة.
حصن بارباكان:
هو من أجمل التحصينات القوية التي تربط أسوار المدينة تم بناءها للدفاع عن المدينة خلال الحرب، الذي يعود تاريخ بناءه إلى عام 1498، حيث يتميز بارتفاع جدرانه التي تبلغ حوالي ثلاثة أمتار وكان بمثابة نقطة تفتيش لأولئك الذين يدخلون المدينة، أما الأن فهي واحدة من عدد قليل من التحصينات المتبقية والمحاطة بكراكوف إلى الآن، حتى أنها قد تحولت إلى أحد مناطق الجذب السياحي الشهيرة بالمدينة ومكان مميز لإقامة مختلف المعارض.
متحف رينك جلوني:
هو متحف يوجد تحت الأرض الذي يكشف عن تاريخ المدينة بأكملها من أول المستوطنين إلى التاريخ الحديث، كما أنه موجود بالقرب من كنيسة سانت ماري، مع الأخذ في الاعتبار أن العدد المسموح به لزيارة المتحف يقتصر على 300 شخص في وقت واحد، لذلك فمن الأفضل الحجز مقدماً.
مصنع أوسكار شندلر:
هو عبارة عن متحف يعبر عن تاريخ المدينة خلال الحرب العالمية الثانية أثناء الاحتلال الألماني والسوفياتي، حيث يعرض تجارب التي جرت في المدينة لمدة خمسة سنوات متتالية، كما يعطي أيضاً نظرة عن السكان المحليين البولنديين خلال الحياة اليومية في المدينة، مع الحياة الأسرية، فضلا عن توفير لمحات تاريخية عن الدولة البولندية بأكملها.