“Kerkouane city” وتعتبر إحدى المدن التاريخية المهمة في تونس، والتي تم إدراجها ضمن قائمة اليونسكو للتراث العالمي، حيث تشكل البقايا الأثرية فيها المثال الوحيد للمدينة الفينيقية البوية التي بقيت منها.
تاريخ مدينة كركوان
يعود تاريخ مدينة كركوان إلى حوالي 650عام قبل الميلاد، حيث احتلها “Punics” من القرن السادس قبل الميلاد، وعلى عكس ما حدث في قرطاج وصور وجبيل، لم يتم بناء أي مدينة رومانية على هذه المدينة الفينيقية، ومن الواضح أن مينائها وأسوارها وأحيائها السكنية والمتاجر والورش، والشوارع والميادين والمعابد والمقابر، لا تزال كما كانت في القرن الثالث قبل الميلاد، حيث تم تدمير المدينة في هجومٍ روماني عام 256 قبل الميلاد.
كانت كركوان مدينة جيدة التخطيط محمية بتحصيناتٍ مزدوجة، ولكن لا يُعرف سوى القليل عن تاريخ المستوطنة، ولا حتى اسمها الأصلي؛ كركوان هو لقب أحد علماء الآثار الفرنسيين الذين عثروا على الموقع عام 1952، وكانت موطناً لنخبة حضرية من التجار والحرفيين الذين يحبون مشاهدة البحر، كما كان فيها حوالي 300 منزل و 2000 نسمة.
تم اكتشاف موقع بلدة كركوان البونيقية في عام 1952، وأجرى المعهد الوطني للآثار والفنون أعمال التنقيب فيها، حيث تعود أقدم الشهادات المعروفة في الموقع إلى القرن السادس قبل الميلاد، في حين أن الآثار التي تظهر اليوم في الموقع تعود إلى نهاية القرن الرابع والنصف الأول من القرن الثالث قبل الميلاد، والتي تشهد على التخطيط المتطور للمدينة.
المعالم الأثرية في مدينة كركوان
تعتبر مدينة كركوان البونيقية الواقعة على طرف كيب بون على منحدر يسيطر على البحر، شهادةً استثنائية على تخطيط المدن الفينيقية البونيقية، حيث تحتوي على الكثير من المعالم الأثرية التي تعود إلى الحضارة الفنيقية، حيث تم العثور على مقبرة أرج الغزواني على تلٍ صخري على بعد أقل من كيلو متراً واحداً من المدينة، وهي تشهد على العمارة الجنائزية البونية في تلك الفترة، حيث يتعلق الأمر بالجزء الأكثر حفظاً من مقبرة كركوان العظيمة، والتي تنتشر مقابرها في جميع أنحاء التلال الساحلية عند طرف كاب بون.
كما تم اكتشاف حمامات وأحواض استحمام جدرانها مغطاة بطبقة من الأسمنت الممزوج بالفخار المسحوق، مما يمنحها لوناً وردياً مميز، حيث تضفي أغطية الآبار والمزاريب وأنابيب الرصاص والسلالم المؤدية إلى الأسطح أو الغرف العلوية مستوى معيناً من الرفاهية، كما تم العثور على بعض العناصر الزخرفية؛ كمنحوتات الجرغول والقوالب والجص المصقول اللامع المقلد للرخام، لكن الأكثر إثارة للدهشة هو وجود حمامات فعلية في العديد من المنازل، مزودةً بأحواض استحمام قائمة مع مقاعد ومساند للذراعين.
وكان للمدينة معبداً كبيراً مثل المعابد السامية، وكان يضم فناءً واسعاً تُقدَّم فيه التضحيات المطلوبة للعبادة الدينية، كما تم العثور على ورشة عمل وفرن للفخار، حيث تم العثور على أشياء دينية مصنوعة من الطين، وأما بالنسبة للتخطيط العمراني للمدينة، فيظهر هيكلاً منظماً وشوارع جيدة الحجم تتبع تخطيطاً متعامداً، وثلاث ساحات عامة صغيرة، وبهذه الطريقة، فإن سكان هذه المدينة ذوي الأهمية الثانوية، الذين يكسبون عيشهم على الأرجح من الصيد في قلب منطقة زراعية غنية، عرفوا كيف يقدرون الرفاهية والجمال ونوعية الحياة الجيدة.