مدينة لييج هي واحدة من المدن التي تقع في دولة بلجيكا في قارة أوروبا، حيث تعد لييج مقاطعة والونيا وبلجيكا الواقعة في أقصى شرق البلاد، وهي في الغالب من الناطقين بالفرنسية مع وجود أقلية تتحدث الألمانية على طول الحدود مع ألمانيا إلى الشرق، وتحدها في اتجاه عقارب الساعة من الشمال هولندا وألمانيا ولوكسمبورغ ومقاطعات لوكسمبورغ البلجيكية ونامور والون برابانت وفلميش برابانت وليمبورغ، وعاصمتها مدينة لييج وتبلغ مساحتها نحو ما يقارب 3844 كيلومترًا مربعًا ويبلغ عدد سكانها نحو ما يقارب 1.024.000 نسمة وتنقسم إلى أربع مناطق إدارية تحتوي على 84 بلدية.
تاريخ مدينة لييج
من مدينة ميروفينجيان مهد السلالة الكارولنجية إلى أمراء وأساقفة عصر النهضة المتعطشين للدماء ودور لييج الخاص في الثورة الفرنسية والمعرض العالمي لعام 1905 ميلادي، استقرت من قبل (Eburones) قبيلة (Celto-Germanic) ثم الإمبراطورية الرومانية في العصور القديمة، وفي القرن الثالث شهدت المنطقة واحدة من أولى هجرات الفرنجة التي تعبر إلى الإمبراطورية الرومانية من شرق نهر الراين، واستقروا في الغالب على طول نهر (Meuse) حول (Liège وHuy)، وأسس الفرانكس كنيسة القديس جورج في أماي إحدى ضواحي هوي عام 634 على أنقاض فيلا رومانية، وتم العثور على مقابر (Merovingian) شمال (Huy) في منطقة (Verlaine وWarnant وVaux-Borset وHarduémont وBodegnée).
كانت المنطقة المكونة من مدينة لييج الحديثة وضواحيها لا سيما هيرستال وجوبيل مهد السلالة الكارولنجية، وهذه هي الأماكن التي ولد فيها بيبين من هيرستال وتشارلز مارتل وبيين القصير وشارلمان، حيث وُلد جميعهم وترعرعوا، وحيث كان مركز القوة الحقيقي يكمن في الداخل، وكانت مملكة الفرنجة خلال القرنين السابع والثامن، حيث يتشابك تاريخ مقاطعة لييج مع تاريخ إمارة لييج وكذلك تاريخ دوقية ليمبورغ الأصغر وإمارة ستافيلوت مالميدي.
أصبحت مدينة لييج أسقفية في القرن السابع، حيث امتد نطاقها في الأصل عبر معظم بلجيكا الحديثة، وبعد تفكك إمبراطورية شارلمان ظلت المنطقة جزءًا من الإمبراطورية الرومانية المقدسة، وأسقف مدينة لييج نوتر ضمن لرؤيته السلطة الإقطاعية لكونتية هوي وأصبح نفسه أميرًا ذا سيادة، وتم إنشاء أمير أسقفية لييج، وبقية دولة مستقلة داخل الإمبراطورية الرومانية المقدسة حتى عام 1792 ميلادي عندما تم ضم البلدان المنخفضة للجمهورية الفرنسية.
انتشر الأمير الأسقفية من جنوب مقاطعة نامور الحديثة إلى الشمال من مقاطعة ليمبورغ، كما شملت أجزاء من مقاطعة لوكسمبورغ لا سيما دوقية بوالون وهاينو والون برابانت ومقاطعة ليمبورغ الهولندية، وفي عام 1066 ميلادي أصبحت (Huy) وهي مدينة رئيسية في الإمارة أول مدينة تحصل على ميثاق حقوق شمال جبال الألب، وشكل الشمال الشرقي من مقاطعة لييج دوقية ليمبورغ التي سميت على اسم مدينة ليمبورغ في منتصف الطريق بين فيرفيرس وإوبين.
كانت تتألف بين مدينة آخن الإمبراطورية ودوقية يوليش إلى الشرق وإمارة لييج إلى الغرب، وكانت الدوقية ولاية تابعة لدوقية برابانت، وأصبحت جزءًا من هولندا الهابسبورغية في عام 1494 ميلادي، ولا يوجد لمقاطعة ليمبورغ الحديثة أي صلة تاريخية بالدوقية متجانسة اللفظ باستثناء منطقة فورونز التي كانت تنتمي إلى كما كانت مدينة ماستريخت في مقاطعة ليمبورغ الهولندية.
شكل وسط شرق مقاطعة لييج إمارة ستافيلوت ومالميدي الصغيرة، التي يحكمها الأمير-أبوتس مالميدي، وبعد هزيمة نابليون عام 1815 ميلادي انتقلت المنطقة إلى بروسيا ثم ألمانيا، ولم يتم التنازل عنها إلا لبلجيكا عام 1918 ميلادي كتعويض عن الحرب العالمية الأولى، وشملت “الكانتونات الشرقية” التي أعادتها ألمانيا إلى بلجيكا يوبين وسانت فيث.
السياحة في مدينة لييج
مثل مدينة نامور ومدينة ماستريخت يتميز الطراز المعماري لمدينة لييج بمباني من الطوب والرمادي تعود إلى القرنين السادس عشر والسابع عشر (ما يسمى “أسلوب موسان”)، بالإضافة إلى بيوت مايتري (منازل) من القرن الثامن عشر، والقرن التاسع عشر، ولسوء الحظ تفسد الكثير من المباني السكنية والمكاتب الخرسانية القبيحة انسجام المدينة في الجادات الكبيرة (التي كانت في السابق ممرات مائية) وعلى طول نهر الميز، ومعظم الضواحي مبنية من منازل الطبقة العاملة غير الجذابة والتي تعود إلى العصر الصناعي.
كان القلب السياسي والديني القديم لمدينة لييج ساحة القديس لامبر شمال المركز التجاري الحديث، وتم تمديده من خلال ساحة السوق (ساحة مارشيه)، حيث يقف مبنى البلدية الذي اكتمل بناءه في عام 1718 ميلادي وبيرون الذي يعني حرفيا “الخطوات الأمامية” وهو عمود يرمز إلى الحريات البلدية، وتوجد معظم المنازل القديمة شرق ميدان (St Lambert) بين (Hors Château وQuai de Maastricht).
إلى الشرق من ميدان سانت لامبرت في مدينة لييج يوجد ما يسمى إيلوت سانت ميشيل (“جزيرة سانت مايكل”)، وهو الآن مركز تسوق حديث، في الجنوب الشرقي نجد ساحة الأوبرا (حيث تقف أوبرا والونيا الملكية الكلاسيكية الجديدة وتمثال جريتري) وساحة الجمهورية الفرنسية، ويذكرنا هذا الأخير بأن يوم 14 يوليو (اليوم الوطني لفرنسا) يتم الاحتفال به أيضًا في مدينة لييج وأن عددًا قليلاً من السكان المحليين لن يمانعوا في انفصال والونيا عن فلاندرز للانضمام إلى فرنسا، وهذا أمر مثير للسخرية بالنظر إلى الارتباط التاريخي للمدينة بألمانيا وحقيقة أن الفرنسيين ومنهم البورغنديين لويس الرابع عشر قد دمروا مدينة لييج عدة مرات.
التسوق والترفيه في مدينة لييج
تقع معظم المحلات التجارية والمطاعم ودور السينما في مدينة لييج بين (Boulevard de la Sauvenière) وساحة (St Lambert) وكاتدرائية (St Paul)، ويقع (Galeries St Lambert) بين ساحة (St Lambert Square وSt Denis Square) وهو أحدث مركز تسوق في المدينة، وتنتشر صالات العرض على مساحة 40.000 متر مربع، ولديهم فرع من (Mediamarkt) ومتجر (Inno) متعدد الأقسام، والمنطقة المعروفة باسم (Le Carré) “الساحة” تتألف بين (Boulevard de la Sauvenire وRue Pont d’Avroy وRue Vinave d’Ile وRue de la Casquette) وتشتهر بمطاعمها ومقاهيها الإيطالية في الغالب والحانات والحياة الليلية.
يعد شارع المشاة في مدينة لييج (Vinâve d’Île) بين ساحة (St Paul) وساحة (Opera) شارع التسوق الرئيسي في وسط المدينة، ويعد شارع (Rue St Gilles) الضيق في مدينة لييج وشارع (Boulevard d’Avroy) الواسع شوارع مزدحمة أخرى مع الكثير من المطاعم، وفي مشهد الموسيقى والمشاهد يعد المنتدى في شارع بونت دافروي أشهر مكان في مدينة لييج، حيث تم إنشاؤه في عام 1922 ميلادي.
وقد استقبل بعضًا من أعظم المطربين الناطقين بالفرنسية مثل إديث بياف وتشارلز أزنافور وجاك بريل وهنري سلفادور وجو داسين وجوني هاليداي والكوميديين مثل فرنانديل وكولوتشي وبيير ريتشارد وليس إنكونوس، وبالنسبة للموسيقى الكلاسيكية تعد أوبرا والونيا الملكية المكان الأكثر شهرة ليس فقط في مدينة لييج ولكن في كل بلجيكا الفرنكوفونية فهي موطن لأوركسترا لييج الفيلارمونيك.