مكتبة سانت غالن في سويسرا

اقرأ في هذا المقال


مكتبة سانت غالن:

مكتبة سانت غالن جوهرة العصور الوسطى كما تسمى، التي توجد في سويسرا التي تعتبر من المكتبات التاريخية القديمة في العصور الوسطى في العالم، وهي موجودة في دير سانت غالن وتم تأسيسها من قبل القديس أوتمار الذي أسس دير سانت غال، كما أنها خلال حريق عام 937، تم تدمير الدير لكنه بقيت المكتبة سليمة، وفي عام 1983 أصبحت منطقة الدير إلى جانب المكتبة من مواقع التراث العالمي، كونها مثال ممتاز للأديرة الكارولنجية، حيث تم تصميم قاعة المكتبة من قبل المهندس المعماري بيتر تومب في أسلوب الروكوكو.

مكتبة سانت غالن من أقدم المكتبات في العالم وأروعها، حيث يعود تاريخ تأسيسها إلى عام 719 ميلادي، التي تتميز باحتوائها على أقدم المخطوطات في العالم وأجمل الفن المزخرف في سويسرا، حيث أنها شييدت في عهد الملك شارلمان وهي مكتبة الدير الوحيدة التي أنشئت في العصور الوسطى ومازالت قائمة في مكانها الأصلي ونظراً لعمق جذورها في التاريخ اعتبرتها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة يونسكو في العام 1983 تراثاً للإنسانية.

بالإضافة إلى أن مكتبة سانت غالن التي تعتبر مكاناً جاذباً للعلماء والباحثين من مختلف أنحاء العالم وذلك بسبب احتوائها على الكنوز والمخطوطات العظيمة والنادرة، وبذلك أصبحت مركز مهم للدراسات والأبحاث، والتي يعود قسم منها إلى أبرشية أتباع مذهب القديس بينيديكت، الذين اتبعوا قواعد صارمة كانت تلزم كل الرهبان الموجودين في الأبرشية بحصص مطالعة يومية وهذا ما دفع فيما بعد إلى الإحساس بالحاجة لتأسيس المكتبة التي لعبت في القرن التاسع عشر دوراً بارزاً في مختلف المجالات الثقافية ليس في سويسرا فحسب بل في مختلف أنحاء أوروبا.

كنوز المكتبة من العصور الوسطى:

مكتبة سانت غالن التي تضم مجموعات كبيرة من المجلدات والكتب القيمة وتقدر بحوالي 150 ألف تقريباً، كما أن الكنز الحقيقي الذي يوجد فيها هو المدونات القانونية التي يعود تاريخها إلى القرون الوسطى خلال القرنين التاسع والحادي عشر وتقدر بحوالي 2100 تقريباً، كما هناك 400 مخطوط يعود تاريخها إلى ما قبل عام 1000 للميلاد، حيث كان دير سانت غالن الذي يضم المكتبة قد راكم مجموعة قيمة من الكتب بما فيها أعمال من العصور القديمة، وتشتمل كنوزه على المخطوطة اللاتينية للـغوسبيل الإنجيل وهو أقدم كتاب بالألمانية وعلى أقدم مخطط معماري.

بالإضافة إلى أن الدير الذي يوجد فيه مكتبة سانت غالن كان يتميز في مجال العلوم وذلك جعله من أهم الأماكن في شمال جبال الألب ويعود ذلك إلى أن الكتب كانت تدرس وتؤلف داخله، وظل قائماً بعد فترة الإصلاح الديني، كما شهد انتعاشاً في القرن الثامن عشر عندما أعيد تشكيل المكتبة لتظهر في حلتها الجديدة التي مازالت تعرف بها حالياً أي أنها كانت مزيج من النحت الخشبي الثري والأسقف المزينة بالرسومات والجص.

أقسام مكتبة سانت غالن:

مكتبة سانت غالن التاريخية حيث تتميز بالزخارف الباروكية الرائعة، ومن أهم أقسام المكتبة هو البهو الموجود في الداخل الذي يعرض مجموعهم من أهم النماذج التي تضمها المكتبة حيث تم وضعها داخل صناديق ذات واجهات زجاجية وتتنوع المعروضات بين الكتب والقواميس والرسومات والشعر وغيرها، كما يوجد غرفة خاصة للقراءة بإمكان الدارسين أن يستخدموها للاطلاع بعناية على المحفوظات المتاحة.

بالإضافة إلى أن مكتبة سانت غالن يوجد لديها قوانين صارمة كغيرها من المكتبات المهمة، حيث أن من يريد الدخول إلى المكتبة سوف يتعرض للتفتيش الدقيق عند الاطلاع على الكتب المهمة مثل الكتب القديمة والمدونات السرية وكذلك مخطوطات الأناجيل، فهذه المواد لا يحظى بشرف دراستها إلا نخبة من الباحثين المميزين الحائزين على تزكية من شخصيات مشهورة أو دعم من إحدى المرجعيات المهمة، كما يتوجب عليه التعهد بالالتزام بكل القوانين الموضوعة للحفاظ على سلامة المخطوطات.

كما أن مكتبة سانت غالن يوجد فيها قاعة النسخ التي تدل إلى أنها كانت موجودة منذ عام 760 ميلادي، وهذه القاعة تحتوي على المخطوطات التي يعود تاريخها إلى عصور تاريخية مختلفة وتسمى المخطوطات النفيسة، حيث أنها تتميز بمنمنمات فريدة تم لصقها وتجليدها بشكل متقن مما ساهم في حفظها وتماسكها حتى وقتنا الحالي، وهي تتراوح ما بين العلوم التوراتية والطقوس الدينية التي تعد من أقدم المحفوظات الرهبانية في العالم.

بالإضافة إلى أن مكتبة سانت غالن حيث تتميز بالتنوع الغني وذلك بسبب أنها أتت من مصادر متعددة ومختلفة، بحيث أنها شملت الفنون والموسيقى والجغرافيا والقانون والطب وعلوم اللغة الألمانية واللاتينية وأيضاً الآداب، فمنها ما يعود إلى عهد شارلمان وإلى فترات مهمة من التاريخ الألماني، ويذكر أنه في الفترة ما بين عامي 1767 و1796 تم تسجيل عدد من المقتنيات المهمة من المدونات القانونية التي يعود تاريخها إلى القرون الوسطى كما شهدت محتويات المكتبة ارتفاعاً مهماً في عصر النهضة.

نبذه عن الثورة الرقمية التي شهدتها المكتبة:

مكتبة سانت غالن التي يعود تاريخها إلى حوالي اثني عشر قرناً، حيث أنها في عام 2004 شهدت ثورة رقمية وذلك من خلال تنزيل العديد من المخطوطات النادرة على شبكة الإنترنت، وذلك من خلال مشروع هادف إلى إقامة مكتبة افتراضية للمخطوطات، حيث كان ثراء مجموعة المخطوطات التي يعود تاريخها للقرون الوسطى، إضافة إلى الشهرة الدولية التي حظيت بها المكتبة إثر إقرارها على قائمة التراث الإنساني من قبل منظمة اليونسكو، هذه عوامل جعلت منها مكاناً ملائماً جداً لإنجاز هذا التحول الرقمي.
بالإضافة إلى أن جامعة فريبورغ عملت على دعم المشروع الذي أطلق عليه اسم المدونات الإلكترونية من معهد الدراسات القروسطية الموجودة في الجامعة، حيث أن هذا المشروع يهدف إلى إجراء عمليات نسخ رقمية لحوالي 130 من بين أجمل المدونات القانونية المنمنمة المحفوظة في المكتبة بجودة عالية، حيث تسمح للباحثين المهتمين بإجراء تحاليل مفصلة على هذا النسخ عبر الإنترنت، مما أتاح تعويض الاطلاع المباشر على الوثائق الأصلية الثمينة، وهو ما من شأنه أن يساعد في المحافظة عليها بشكل أفضل وضمان عدم تعرضها للتلف.
مكتبة سانت غالن التاريخية الرائعة تعتبر من أهم الأماكن التي تجذب الألاف من الزوار على مدار العام بسبب الكتب والمخطوطات القيمة التي تحاكي التاريخ القديم، كما أنها تقوم  بالعمل كمؤسسة أكاديمية لدارسة الألمانية والأيرلندية القديمة، بفضل مجموعاتها من المخطوطات الأيرلندية التي تعود إلى بداية القرون الوسطى.
حيث أن مكتبة سانت غالن السويسرية بقيت إلى وقتنا تستخدم من قبل العلماء والباحثين، ومن أهدافها الحالية هو العمل على خطة من أجل تطوير وترميم المخطوطات النادرة وهذا يجعلها من أهم الوجهات المعرفية والتاريخية، لكنها تحولت إلى متحف أيضاً أقيم في القاعة ذات الزخرفة الثرية والفريدة، ويضم عروضاً مؤقتة من حين لآخر وعرضاً دائماً يشتمل على خارطة للأبرشية يعود تاريخها إلى القرن التاسع للميلاد، ورسوماً توضيحية حول تاريخ الدير.

مؤسسة أندرو دبليو ميلون:

مؤسسة أندرو دبليو وهي مؤسسة أمريكية عملت على تقديم دعم لمكتبة سانت غالن بقيمة مليون دولار، ويعود سبب هذا الدعم إلى المحافظة على المخطوطات التاريخية القديمة والنادرة في المكتبة، حيث عملت المكتبة على ترقيم المخطوطات الـ 355 التي يرجع تاريخها إلى ما قبل 1000 ميلادي، وتم استنساخ جميع أجزاء المخطوطات بتقنية رقمية، بما فيها الصفحات الفارغة ورباطات وأغلفة الكتب والبيانات الدراسية المتعلقة بها، كما تم توفير وصف مختصر لكل مخطوطة باللغات الإنجليزية والألمانية والفرنسية والإيطالية.

بالإضافة إلى أن مشروع المكتبة الإلكترونية في عام 2009 ميلادي تم إضافة تلك المخطوطات إلى مكتبة سانت غالن الإلكترونية، حيث عمل هذا المشروع الرائع في المكتبات في جميع أنحاء سويسرا على ترقيم مخطوطات القرون الوسطى والذي شمل أيضاً ترقيم 100 مخطوطة إضافية من مكتبات سويسرية أخرى على مدى السنوات الماضية.


شارك المقالة: