الاحتجاج بالقدر

اقرأ في هذا المقال



الاحتجاج بالقدر :

قال تعالى: ﴿أَفَرَءَیۡتُم مَّا تُمۡنُونَ (٥٨) ءَأَنتُمۡ تَخۡلُقُونَهُۥۤ أَمۡ نَحۡنُ ٱلۡخَـٰلِقُونَ (٥٩) نَحۡنُ قَدَّرۡنَا بَیۡنَكُمُ ٱلۡمَوۡتَ وَمَا نَحۡنُ بِمَسۡبُوقِینَ (٦٠) عَلَىٰۤ أَن نُّبَدِّلَ أَمۡثَـٰلَكُمۡ وَنُنشِئَكُمۡ فِی مَا لَا تَعۡلَمُونَ (٦١)﴾ صدق الله العظيم، وقال تعالى: ﴿قُلۡ إِنَّ ٱلۡمَوۡتَ ٱلَّذِی تَفِرُّونَ مِنۡهُ فَإِنَّهُۥ مُلَـٰقِیكُمۡۖ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَىٰ عَـٰلِمِ ٱلۡغَیۡبِ وَٱلشَّهَـٰدَةِ فَیُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ﴾ صدق الله العظيم [الجمعة ٨].

كما يتعامل الإنسان مع قَدَر الموت، ينبغي أن يتعامل مع باقي الأقدار، فهو يؤمن أن الموتَ قدرٌ، فقد سأل رجلٌ علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقال : أخبرني عن القدر ، قال : طريق مظلم لا تسلكه ، وأعاد السؤال فقال : بحر عميق لا تلجه ، وأعاد السؤال فقال : سر الله قد خفي عليك فلا تفتشه.

ومع ذلك يحرص على مدافعة أسبابه من الأمراض والأخطار، فتجد في خِلقه الإنسان ما يدفعه لطلب الحياة والفرار من الموت، والشريعة جاءت بتحريم الانتحار وتجريمه، وأصلُ الفرار من الموت مفطورٌ عليه الخلق، وقد نهى الشرعُ عن الانتحار وذلك لأنّه فرار من قدر الله ونوع من أنواع الاعتراض على حكمه.

ويحتج بالقدر بعض الضُلّال في حال الشهوة والشبهة، ويتخذون من الإيمان بالقدر عذراً في مقارفة الذنوب وترك بعض الواجبات، حتى يُخيَّل للإنسان أنّ الإيمان بالقدر سببٌ في هوانهم أمام الغُزاة، واسترسالهم في الشهوات، وما كان للقدر – الذي هو من دين الله – أن يكون سبباً في هوان أو ضلال، بل هو مفهوم خاطىء في التعامل مع القدر، ولو أنّهم تعاملوا مع الأقدار المذكورة كما يتعاملون مع قدر الموت، ما ضلوا ولا هانوا، ، قال تعالى: ﴿ یَقُولُونَ لَوۡ كَانَ لَنَا مِنَ ٱلۡأَمۡرِ شَیۡءࣱ مَّا قُتِلۡنَا هَـٰهُنَاۗ قُل لَّوۡ كُنتُمۡ فِی بُیُوتِكُمۡ لَبَرَزَ ٱلَّذِینَ كُتِبَ عَلَیۡهِمُ ٱلۡقَتۡلُ إِلَىٰ مَضَاجِعِهِمۡۖ وَلِیَبۡتَلِیَ ٱللَّهُ مَا فِی صُدُورِكُمۡ وَلِیُمَحِّصَ مَا فِی قُلُوبِكُمۡۚ وَٱللَّهُ عَلِیمُۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ﴾ صدق الله العظيم[آل عمران ١٥٤] قال الرازي في تفسير عند الآية: أنّ الحذر لا يدفع القدر، والتدبير لا يقاوم التقدير، فالذين قدر الله عليهم القتل لا بد وأن يقتلوا على جميع التقديرات.
لقد آمن أصحابُ النبي صلى الله عليه وسلم بالقدر، فحملهم هذا الإيمان على الشجاعة والإنفاق ومكارم الأخلاق، حتى قال الإمام أحمد: أجمع سبعون رجلاً من التابعين, وأئمة المسلمين، وأئمة السلف, وفقهاء الأمصار على أنّ السنة التي توفي عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم: أولها الرضا بقضاء الله, والتسليم لأمر الله, والصبر تحت حكمه، والإيمان بالقدر خيره وشره، وترك المراء والجدال والخصومات في الدين.


شارك المقالة: