رضا الناس غاية لا تدرك

اقرأ في هذا المقال


جميع الشعوب التي دبّت بخطاها على وجه المعمورة، تمتلك الموروث الثقافيّ الذي يخصها، وكما أنه يجعلها تتفرد به عن غيرها، وهو بدوره يعبّر عن الكثير من الوقائع والمناسبات، التي حصلت خلال التاريخ، ولعل من أكثر أنواع التراث شهرة “الأمثال الشعبية” والحكم، ويقوم الناس باستخدام هذه الأمثال أو الحكم إذا مرّوا بظرف أو حدث مشابه للحدث الأصلي الذي قيلت فيه تلك الأمثال، فيعبرون عنه بمثل أو حكمة، وهكذا تبقى محفوظة، ويتداولها الناس جيلًا بعد جيل مع إضافة ما استجد من أمثال تعبر عن أحداث الحاضر، والمثل الذي بين أيدينا هو: “رضا الناس غاية لا تدرك”.

فيم يضرب مثل: “رضا الناس غاية لا تدرك”؟

لقد ارتبطت الحكمة بالأمثال الشعبية منذ أن نشأت، والأمثال الشعبية هي ثمار تجارب الناس وخبراتهم، وتُعد هي أحد عناصر الثقافة العامة في نسيج المجتمع مهما اختلفت طبقاته، ويُضرب هذا المثل في تمايز الناس واختلافهم، وقلة قناعتهم بما يقدم لهم؛ فرضا الناس غاية لا تدرك.

قصة مثل: ” رضا الناس غاية لا تدرك”

أما قصة مثل: “رضا الناس غاية لا تدرك”، فيُروى أن جحا ذات يوم خرج مع ولده وكان برفقتهم الحمار، وتوجهوا إلى السوق، ورغب جحا أن يخفف عن حماره؛ فلم يركبه ولم يدع ابنه يفعل ذلك، فلما مروا بجماعة من الناس، فسمعهم يقولون، يا لهذا الرجل اللئيم، يوفر ماله ويشقي نفسه، ويمشي هو وابنه على الأرض تاركين الحمار! فركب جحا وابنه الحمار، ومرا بجماعة أخرى، فلما رأوهم، قالوا: يا لهؤلاء الرجال، إنهم قساة القلب، عديمي الرحمة، يركبان الحمار سويًا، ولا يكفيهم أن يركب واحد منهم؛ كي لا يشقى الحمار.

فلما سمع جحا هذا الكلام، نزل ولده عن الحمار، وأما هو فقد بقي راكبًا على حماره، وولده يمشي خلفه، ثم مرّا بجماعة أخرى، فلما رأوهما، قالوا: ما هذا الأب الذي يترك ولده يسير وراءه، ويركب هو ليبقى مرتاحًا منعمًا، فما إن سمعهم جحا نزل عن حماره، وجعل ابنه يركب مكانه، وظل هو يمشي خلف الحمار، فلما مرّا بأناس آخرين، قالوا: يا لهذا الابن العاق، كيف يركب هو على الحمار، ويترك أبوه المسن يمشي خلفه!، حينها قال جحا لابنه: أرأيت يا بني، “إن رضا الناس غاية لا تدرك”، فلا شيء يعجبهم مهما فعلت.

العبرة من مثل: “رضا الناس غاية لا تدرك”:

لعل من أهم الدروس التي يتعلمها المرء من قصة مثل: “رضا الناس غاية لا تدرك”، هو ألا يحاول إرضاء الناس؛ لأنه مهما فعل لهم فلن يرضوا، ولن يروه كما يريد، ولتكن غايته فقط أن يرضي الله_ سبحانه وتعالى_ أولًا ثم نفسه ثانيًا؛ لأنه إن أرضى الله سبحانه وتعالى؛ فليس مهمًا رضا باقي الخلق.


شارك المقالة: