لكل أمة من الأمم على وجه هذه البسيطة الموروث الثقافي الذي يخصها ويميزها عن غيرها من الشعوب، وهذا الموروث بدوره يعبّر ويصور الكثير من الوقائع والمناسبات، والتي حصلت خلال التاريخ، ولعل من أكثر أنواع التراث شهرة “الأمثال الشعبية” والحكم، ويقوم الناس باستخدام هذه الأمثال أو الحكم إذا مرّوا بظرف أو حدث مشابه للحدث الأصلي الذي قيلت فيه تلك الأمثال، فيعبرون عنه بمثل أو حكمة، وهكذا تبقى محفوظة، ويتداولها الناس جيلًا بعد جيل مع إضافة ما استجد من أمثال تعبر عن أحداث الحاضر، وفيما يلي من سطور سنتطرق إلى مثل سائر بين الناس، ألا وهو مثل :”قبل الرماء تملأ الكنائن”.
فيم يضرب مثل “قبل الرماء تملأ الكنائن”؟
أما المقصود بالرِّماء، فهو: الرّميُ، والكَنائن: جمع كنانة، والتي هي الوِعاء الذي توضع فيه السهام، ومثلنا يُضرب في مواقف الدعوة إلى الإعداد لأي أمرِ قبل أن يقع، فالمثل “قبل الرماء تُملأ الكنائن” يُقال في لزوم الاستعداد والتهيؤ لأي أمر قبل أن يحدث، وهو يُحكى كي لا يُؤخذ الإنسان على حين غفلة، وهو غير جاهز لملاقاة المواقف الصعبة، فتجتمع عليه الأحداث ويصبح عرضة للنكبات والهزّات التي تؤثر في تفكيره، وتقضي على عوامل النشاط في جسمه، فيجد نفسه حيران مضطربًا في حياته.
العبرة من مثل “قبل الرماء تملأ الكنائن”:
أما العبرة من مثل ” قبل الرماء تملأ الكنائن” فهي أنه إذا كان المرء قانونه أن يكون مستعدًّا للأمور، والحرص على أن يكون جاهزًا لكل طارئ طبيعته؛ فإنه بالتأكيد سينجو من كل أزمات الحياة، ويصلح أمره في جميع الظروف، والشخص البصير بالحياة، الخبير بمسالكها يرى ضرورة أن يستعد كل فرد لمجابهة الحياة بأسلحتها المناسبة، وما يصدق على الأفراد يصدق على الشعوب والمجتمعات، فهناك معارك اقتصادية ومعارك حربية وأخرى عملية تحتاج إلى أدوات وأسلحة يمكن عن طريقها التغلب على الصعوبات التي توجد في الطريق.
وطريق الحياة ليس بالطريق السهل، وإنما هو طريق وعر صعب، وعدته التسلح بالعلم والخلق والبناء الذاتي والاجتماعي والاقتصادي في الحياة الذي يوفر على الجسم جهده، وعلى الدولة أموالها فلا تتبدد الطاقات، ولا تهدر الأموال، فبمقدار ما عند الدولة والإنسان من إمكانات تتحقق المشروعات.