كما تدين تدان

اقرأ في هذا المقال


كلّ الشعوب التي تعاقبت الحياة على وجه المعمورة، امتلكت الموروث الثقافيّ الذي يخصها، وكما إنه يجعلها تتفرد به عن غيرها، وهو بدوره يعبّر عن الكثير من الوقائع والمناسبات، التي حصلت خلال التاريخ، ولعل من أكثر أنواع التراث شهرة “الأمثال الشعبية” والحكم، ويقوم الناس باستخدام هذه الأمثال أو الحكم إذا مرّوا بظرف أو حدث مشابه للحدث الأصلي الذي قيلت فيه تلك الأمثال، فيعبرون عنه بمثل أو حكمة، وهكذا تبقى محفوظة، ويتداولها الناس جيلًا بعد جيل مع إضافة ما استجد من أمثال تعبر عن أحداث الحاضر، والمثل الذي بين أيدينا هو: “كما تدين تُدان”.

فيم يضرب مثل “كما تدين تدان”؟

يُعدّ مثل: “كما تدين تدان ” من الأمثال العربية المشهورة، والتي تداولتها ألسنة الناس، عبر العصور، ولا يزال المثل شاهدًا على كثير من القصص والحكايات المشابهة للواقعة التي قيل فيها المثل، ويُضرب في الحالات التي يسدّد فيها القدر الدين لكلّ شخص بما جنت يداه.

قصة مثل “كما تدين تدان”:

فيما يُروى عن قصة مثل: “كما تدين تُدان، أنه كان هناك رجل مسنّ يعيش مع ولده وزوجته وحفيده، وما عاد العجوز قادرًا على أن يأكل بشكل طبيعي، إذ إن يديه المرتجفتين، ونظره الضعيف ساهما في أن يسقط الطعام من يده في بعض الأحيان، وفي يوم من الأيام سقط طبق الطعام من بين يديّ العجوز وانكسر، حينها غضبت زوجة ابنه من ذلك الموقف، وطلبت إلى الزوج أن يجد حلًا لذلك، فكر الزوج في الأمر، وخطر له أن يصنع لوالده طبقًا من الخشب، وتجنبًا لسكب الطعام على المائدة، تمّ إجبار العجوز على تناول طعامه وحيدًا بعيدًا عن باقي أفراد العائلة.

كلما وُضع الطعام للعجوز، كانت العبرات تسيل على وجنتيه، لأنه كان يشعر بأنه منبوذ في آخر أيامه، حيث أُجبر على أن يأكل وحيدًا، بينما يستمتع باقي أفراد الأسرة بتناول الطعام على المائدة، وكان حفيده ينظر إليه وسط صمت مهيب، مع مرور الأيام أصبحت ظروف العزل التي تُفرض على العجوز من قبل ابنه وزوجته قاسية  جدًّا، وبعد مرور عدة أشهر على هذا الحال توفي الرجل المسنّ، وأُقيمت مراسم التشييع، وبعد الانتهاء من تلك المراسم، أراد الزوج وزوجته التخلص من الأغراض المتعلقة بالعجوز بإعطائها للفقراء أو إتلافها، فجأةً ركض الحفيد، وأخذ الطبق الطبق الخشبيّ، فسأله أبوه: لماذا أخذت هذا الطبق وماذا تريد أن تصنع به؟ عندها أجابه الطفل الصغير: أريد أن أحتفظ به؛ كي أطعمك أنت وأمي به عندما تكبران مثل جدي، في ذلك الحين أدرك الابن فظاعة ما صنع، وقال: “كما تدين تدان”، والتي راحت مثلًا سائرًا على ألسنة الناس إلى يومنا هذا.

المصدر: حدائق الحكمة"أقوال مأثورة من مدرسة الحياة"،نبيل أحمد الجزائري،2010الدرة الفاخرة في الأمثال السائرة،حمزة بن حسن الأصفهاني،2000الأمثال والحكم، محمد بن أبي بكر الرازي،2011أمثال وحكم،محمد ايت ايشو،2009


شارك المقالة: