لكل مثل حكاية - مسمار جحا - ورب عجلة تهب ريثا

اقرأ في هذا المقال


تُعدّ الأمثال بشكل عام انعكاساً حقيقيّاً للحوادث التي عايشها السابقون، حيث إنهم تمكنوا ببراعة وإتقان وإجادة للغة العربية، كأن يقوموا بتحويل هذا الواقع إلى حكم وأمثال بعبارات موجزة وأفكار عميقة مكثفة، تتناقلها الأجيال، جيلاً تلو الآخر، كما أن وراء أغلب الأمثال الشعبية حكاية، جعلتها تترسخ في عقول الكثير من الناس، وتاليّاً في السطور القادمة، نقدم لكم اثنين من أشهر تلك الأمثال العربية الشعبية، ألا وهما: مثل “مسمار جحا”، ومثل “ربّ عجلة تهب ريثًا”.

من هو جحا؟

أمّا جحا فهو واحد من أشهر الشخصيات التي جاءت في الكثير من كتب التراث العربي، وقد كان جحا رجلًا ذكيًّا فطنًا، ويتصرف بالمواقف الصعبة بالحيلة والدهاء والحنكة، غير أنه يفعل ذلك في إطار من الكوميديا والسخرية والفكاهة، وبقيت شخصية جحا من الشخصيات التي تُضرب بها الأمثال منذ القدم حتى وقتنا هذا؛ فالجميع يعرفها صغارًا وكبارًا، وكل مثل من هؤلاء له قصة مشهورة، وأما مثلنا الذي بين أيدينا فيما يلي من السطور فهو: “مسمار جحا”.

مثل مسمار جحا فيم يضرب؟

يضرب مثل “مسمار جحا” في اختلاق الأعذار والتشبث بها، وجعلها أداة للوصول الى غاية محددة، وهي صفة يتصف بها بعض الاشخاص من الذين لا يقف طموحهم وطمعهم عند حد، فكلما وجد أن أمرًا ما يهمه، ويريد الوصول إليه، فهو بارع في اختراع الوسيلة وابتكار الحجة واختلاق العذر؛ كي يكون بإمكانه الحصول على ما يريد، سواء كان ذلك حقًّا أم باطلًا، فمثل هؤلاء يقال عنهم، مثل مسمار جحا، ومسمار جحا له قصة سأوردها فيما يلي.

قصة مثل مسمار جحا:

يُرو ى أن جحا كان رجلًا فقير الحال، وقد ضاقت به الدنيا، فأخذ يفكر في أمر يبعد عنه ذلّ الفقر والحاجة، فلم يجد جحا حلًّا غير أن يبيع بيته، ولكن دون أن يفرط فيها؛ فقد كان جحا يملك بيتاً كبيراً وواسعاً كان ميراث أبيه له، وكان هو كل ما يملك، وفي يوم من الأيام عرض جحا داره للبيع، فأتاه رجل ميسور اشتراها وأعطى جحا بعض النقود، ولكن جحا اشترط على المالك الجديد شرطاً غريباً، وهو أن يترك مسماراً في الحائط، فوافق الرجل دون أن يفكر، فوجود المسمار لن يضايقه في شيء.

لما أتى اليوم التالي مضى جحا إلى الدار، وطلب إلى المالك أن يدخل كي يطمئن على مسماره، شعر المالك الجديد بالعجب والاستغراب من طلب جحا، غير أنه رحب بجحا وقدم له الطعام والشراب، ثم إن جحا قد انصرف غير أنه رجع في اليوم الذي بعده؛ بحجة الاطمئنان على المسمار ذاته، ولما دخل جلس وشرب وأكل، وخلع جبته وتهيأ للنوم، فسأله المالك الجديد: ماذا ستفعل يا جحا؟، فرد عليه جحا قائلًا: سأنام بجوار مسماري، وهكذا ظل جحا على هذه الحال شهرًا، يذهب للمنزل؛ بحجة الاطمئنان على مسماره، وكان يختار دائماً أوقات تناول وجبات الطعام، فلما طالت به الحال هكذا، ضاق الرجل به ذرعًا، وما كان منه إلا أن ترك له الدار بما فيها، ورحل.

العبرة من مثل مسمار جحا:


إن بعض الناس يقومون باستغلال غيرهم بحجج واهية وبطرق ماكرة، ويحاولون أن يأخذوا ما ليس لهم، وهذه من الصفات المكروهة، والتي ينفر منها الكثير من الناس، وأما الذي فعله حجا فقد كان خطأ شديداً، فإن ترك المرء شيئاً لغيره بمحض إرادته فهو له ولم يعد له، لذلك لا يحاول مضايقته وإرغامه على تركه، فهذا من الدين الصحيح.

قصة مثل ربّ عجلة تهب ريثا، وفيم يضرب:

يُضرب مثل “ربّ عجلة تهب ريثًا”، للشخص الذي يشتدّ حرصه على أمر ما، ويخرق فيه حتى تذهب كلها، وأول شخص قال هذه المقولة، هو: “مالك بن عوف بن أبي عمرو بن عوف بن محلم الشيباني”، وكان “سنان بن مالك بن أبي عمرو بن عوف بن محلم” شام غيمًا، فرغب بالرحيل بامرأته: “خماعة بنت عوف بن أبي عمرو”، فقال له مالك: أين تظعن يا أخي؟ قال: أطلب موقع هذه السّحابة، قال: لاتفعل فإنه ربما خليت وليس فيها قطر، وأنا أخاف عليك بعض مقانب العرب.

مضى سنان، وَعَرَضَ له “مروان القرظ بن زِنْبَاع بن حُذَيفة العَبْسي”، فأعجله عنها، وانطلق بها وجعلها بين بناته وأخواته، ولم يكشف لها سترًا، فقال مالك ابن عوف لسنان: ما فعلَتْ أختي؟ قال: نفتني عنها الرماح، فقال مالك: ربّ عجلة تهبُ ريثًا، وربّ فَروقَة يُدعى ليثًا، وربّ غيث لم يكن غيثًا فأرسلها مثلًا.






شارك المقالة: