من صبر ظفر ومن تأنى نال ما تمنى

اقرأ في هذا المقال


جميع الشعوب التي تعاقبت الحياة على وجه الأرض، امتلكت الموروث الثقافيّ الذي يخصها، وكما إنه يجعلها تتفرد به عن غيرها، وهو بدوره يعبّر عن الكثير من الوقائع والمناسبات، التي حصلت خلال التاريخ، ولعل من أكثر أنواع التراث شهرة “الأمثال الشعبية” والحكم، ويقوم الناس باستخدام هذه الأمثال أو الحكم إذا مرّوا بظرف أو حدث مشابه للحدث الأصلي الذي قيلت فيه تلك الأمثال، فيعبرون عنه بمثل أو حكمة، وهكذا تبقى محفوظة، ويتداولها الناس جيلًا بعد جيل مع إضافة ما استجد من أمثال تعبر عن أحداث الحاضر، والمثل الذي بين أيدينا هو: “من صبر ظفر، ومن تأنّى ما تمنّى”.

متى يقال مثل: “من صبر ظفر ومن تأنى نال ما تمنى”

إنّ مثل “من تأنّى نال ما تمنّى” يُقال عندما نلمح تلك الصّفة المذمومة غالبًا في البشر، ألا وهي: الاستعجال أو العجلة، أو التّسرّع، وهي صفة ذميمة توقع صاحبها في بعض الأحيان في التهللكة؛ وأمّا ضدّها، فهي: “الأناة أو التّأنّي”، وهي صفة يحبّها الله_ سبحانه وتعالى_ في الإنسان المسلم، فحين خاطب الرسول_ صلى الله عليه وسلم _، الأشجّ عبد القيس، وهو المُنذر بن الأشجّ العصري، وكان سيّد قومه، فقال له: “إنّ فيك خصلتين يحبّهما الله: الحلم، والأناة”.

قصة مثل: “من صبر ظفر ومن تأنى نال ما تمنّى”

أمّا قصة مثل: “من صبر ظفر، ومن تأنَّ نال ما تمنّى”، فيُروى أن لقمان الحكيم قصد عنتر عبس، من بلد إلى بلد، وقال له: ” إنّك لأرجل أهل زمانك، فهل بإمكانك أن تعلمني المرجلة”، فقال له عنتر: ضع إصبعك في فمي، وأنا أضع إصبعي في فمك، وليعضّ كل منا إصبع اللآخر”. وهكذا صار؛ فصرخ لقمان: “آخ”، فقال عنتر: “لو لم تقل “لآخ” لقلت أنا آخ، هذه هي المرجلة “أن تصبر قليلا حتى ينفد صبر عدوك”، فمن صبر ظفر”، ثم قال عنتر للقمان الحكيم: وأنت أحكم أهل زمانك، فهل بإمكانك أن تعلمني الحكمة؟”، فقال له لقمان: “ضع إصبعك في فمي”.

ما كان من عنتر إلا أن وضع إصبعه حالًا، ودون تفكير في فم لقمان الحكيم، الذي بادر إلى عضّها بسرعة، فصرخ عنتر: “آخ”، قال لقمان: ” لو فكرت قليلا، قبل أن تضع إصبعك في فمي، لأدركت أني ربّما سأعضّها، وأسبب لك ألمًا، ولأحجمت عندئذ عن وضعها في فمي، هذه هي الحكمة، أن تنظر في عواقب الأمور قبل وقوعها، “فمن تأنى نال ما تمنى”.

أمثلة من الحياة الواقعية على استخدام مثل من صبر ظفر

  • في الدراسة: يجب على الطالب أن يُواظب على الدراسةِ والصبرِ حتى يُحققَ النجاحَ في الامتحاناتِ.
  • في العمل: يجب على الموظف أن يُثابرَ في عملهِ ويُقدمَ أفضلَ ما لديهِ حتى يُحققَ الترقيةَ.
  • في العلاقاتِ الشخصية: يجب على الشخصِ أن يكونَ صبورًا مع الآخرينَ حتى يُبنيَ علاقاتٍ قويةً ودائمةً.

يُعلّمنا هذا المثل أنّ الصبرَ والتأنّي هما مفتاحُ النجاحِ في جميعِ جوانبِ الحياةِ. يجب علينا أن نكونَ صبورينَ ومُثابرينَ حتى نُحققَ أهدافَنا ونُعيشَ حياةً سعيدةً.


شارك المقالة: