الإنسان الملوث داخليا لا يستوعب وجود بشر أنقياء

اقرأ في هذا المقال


كلمات قَيّمَة صَاغَها الدكتور أحمد دِيدات رحمه الله، ليُبَيّن خطورة صاحب القلب غير النَّقي على المجتمع كَكُلّ، فهو يرى بعين “سوداء” ويَحكُم بعقلٍ” أجوف”، يَحقِد ويَحسد فقط.

من خلال عنوان هذا المقال” الإنسان المُلوّث داخلياً لا يستوعب وجود بشر أنقياء“؛ يَتَبيّن لنا أنَّ صلاح حال الإنسان أو فساده، يظهر لا شكّ في قلبه، فهو مَلِك الجسد الذي يقوده إمّا إلى الحقّ أو إلى الباطل، لذلك أقسم النّبي الأكرم_ صلّى الله عليه وسلم_، أنّه لنْ يَدخل الجنة “حاقد”، حيث قال في الحديث الشّريف:« والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا». 

فالمَحبّة شرط لدخول الجنة، كما بَيَّن النبي الكريم، وكما قال المولى عز وجل كاشفًا حال المؤمنين في الجنة:« وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَـٰذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ».(الأعراف:43).
ومن ثَمَّ فإنَّ حِقد القلوب والضَّغائن تقذف بأصحابها إلا النار، كما يقول الله تعالى:« وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ». (البقرة: 204-205).

صاحب المَقولة

الشيخ أحمد حسين كاظم دِيدات؛ دَاعية وواعظ ومُحاضر ومُنَاظِر إسلامي، اشتُهِر بِمُنَاظراتهِ وكِتاباته في مُقارنة الأديان، وعلى وجه الخصوص بين الإسلام والمَسيحيّة. وُلِد عام 1918م في بلدة( تَادكيشنار ) بولاية ( سوَارات ) الهندية، لأبوين مُسلِمَين هما حسين كاظم ديدات وزوجته فاطمة، وقد هاجر والده وكان يعمل خيّاطاً إلى دولة جنوب أفريقيا بعد وقت قصير من ولادة أحمد، وعندما بلغ أحمد تسع سنوات ماتت والدته فلحق بأبيه إلى جنوب أفريقيا عام 1927م؛ حيث عاش هناك بقية عمره، وليبدأ دراسته في سن العاشرة حتى أكمل الصف السادس، إلا أن الظُّروف الماديَّة الصَّعبة أعاقت إكماله لدراسته.

نشأة أحمد دِيدَات

نشأ أحمد ديدات على منهج أهل السُّنّة مُنذ نُعومة أظفارهِ، فَالتَحقَ أحمد ديدات بالدِّراسة بـ المركز الإسلامي في مدينة ديربان في جنوب أفريقيا؛ لِتَعلُّم القرآن وعلومه وأحكام الشريعة الإسلامية. وفي عام 1934م، أكمل ديدات المرحلة السادسة الابتدائية، وقرر أنْ يُساعد والدهُ، فعمل في دُكّان لبيع المِلح؛ ثُمَّ انتقل للعمل في مصنع للأثاث فأمضى به 12 عاماً، وصعد من خلال عمله في المصنع من سائق إلى بائع ثم مدير المصنع وفي أثناء ذلك التحق بـ الكُلّية الفنية السُّلطانية، كما كانت تسمى في ذلك الوقت، فَدَرس فيها الرياضيات وإدارة الأعمال.

وفاته

في يوم الاثنين الثامن من أغسطس 2005م، الموافق الثالث من رجب 1426هـ؛ تُوفّي الداعية أحمد ديدات عن عمر يناهز السابعة والثمانين عاماً بمنزله وهو يستمع إلى القرآن الذي كان يُحبّه حُبّاً جَمّاً، في منطقة” فيرولام بإقليم كوازولو ناتال بجنوب إفريقية”، بعد صراع طويل مع مرض الشَّلل الكُلّي لجسمهِ،  ففَقدَ المسلمون بموته داعية، ومُحاور، ومُنَاظر يُشَار إليه بالبَنَان.

إذْ لا شَكّ أنَّ حِقد القلوب هو أمرٌ مَنهيٌّ عنه، لذلك يَفضحهم الله ويُظهر على وجوههم حِقدهم، كما بين النبي عليه الصلاة والسلام في حديثهِ:« ما أسرَّ أحدٌ سَرِيرة، إلا أظهرها الله على صَفحات وجهِهِ وفَلتَاتِ لسانه».


شارك المقالة: