أحداث ما قبل فتح بيكند

اقرأ في هذا المقال


مقدمة عن فتح بيكند

كان فتح بيكند أحد الحملات التي قام بها القائد الأموي قتيبة بن مسلم الباهلي على بلاد ما وراء النهر، واستطاع القائد في الحملات التي قام بها فتح الكثير من المناطق من ضمنها مدينة بيكند وكان آنذاك والياً على مدينة خراسان، ومدينة بيكند هي مدينة تاريخية قديمة تبعد حوالي (45) كيلومتر إلى الجهة الشمالية الغربية من المدينة الشهيرة بخارى في أوزبكستان.

استنجد أهل مدينة بيكند بالصغد وبقبائل الأتراك، واستجابوا لنداء البيكندين وجهزوا قواتهم لمواجهة القائد الأموي قتيبة بن مسلم الباهلي، استمر مواجهة الطرفين لأكثر من شهرين حتى استطاع هزمهم برًا وحاصرهم بالمدينة.

أراد قتيبة بن مسلم الباهلي هدم سور المدينة، إلا أنهم استسلموا له وطلبوا منه الصلح، فوافق على الصلح وفرض الجزية عليهم وأصبحوا تابعين للدولة الأموية ووافقوا على دفع الجزية وخضعوا له وللدولة الإسلامية الأموية ووضع عليهم أميراً مسلماً ووضع قاعدة عسكرية هناك، وما أن ترحل عنهم حتى نقضوا العهد وانقلبوا وقتلوا الأمير ومَن معه.

فقام القائد قتيبة الباهلي بالعودة إليهم وقام بقتالهم لمدة طويلة تصل إلى شهر وبعدها قاموا بطلب الصلح منه ولكنه قام برفض طلبهم حتى قام باقتحام المدينة وقام بهزيمتهم وتمكن من فتح المدينة، فقضى على أغلب جنودهم وتمكن من أخذ الغنائم الخاصة بهم، وكانت الغنائم الموجودة في المدينة كبيرة جداً، ومن هذه الغنائم الأسلحة والآلات المستخدمة بالحرب بأعداد كبيرة جدَا قام قتيبة باستخدامها وذلك من أجل تقوية جيشه وإمداده.

أحداث قبل فتح بيكند

بعد ظهور الدين الإسلامي وذلك في بداية القرن السابع من التقويم الميلادي، وقيام العرب بغزو دولة الفرس الساسانية وقيامهم بفتحها، كان من أوّل من يواجه الفارسيين في تلك المنطقة هم الأشخاص الذين يعود أصلهم إلى الترك وقبائلهم بمختلف أنواعهم.

كان المكان الذي يفصل بين الساسنيين والترك هو النهر الشهير نهر جيحون، فقام العرب بتسمية منطقة الأتراك باسم آسيا الوسطى أو بما يعرف ب”بلاد ما وراء النهر”، وكانت مكونة من خمس أقاليم آنذاك وهن؛ كل من الصغد والصغانيان وخوارزم وفرغانة والشاش.

بدأت أول التجهيزات من أجل فتح المنطقة عندما قام القائد الأحنف بن قيس التميمي عام (18) هـ-(639) بفتح إقليم خراسان وذلك في عهد الخليفة الراشدي عمر بن الخطاب وخراسان تعتبر المكان الفاصل بين كل من ممالك الأتراك بالإضافة إلى دويلاتهم والدولة الإسلامية، وتحديداً المدينة المعروفة باسم بلخ التي كان قد انطلق منها بداية الفتوحات.

وقد كانت خراسان قد حاولت عدة مرات بالانتفاض وأُعيد فتحها في عهد الخليفة الراشدي الثالث عثمان بن عفان، وبعد مقتل الخليفة عثمان على يد كل من الخوارج والغوغاء كانت الفتوحات قد توقفت وذلك بسبب الفتنة التي حدثت.

وعندما سلم ابن الخليفة الراشدي الرابع علي بن أبي طالب الخلافة لمعاوية بن أبي سفيان واستقرت أوضاع الحكم في الدولة الإسلامية، عادت جميع الفتوحات في أغلب الجبهات شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً وذلك على يد مؤسس الدولة الأموية معاوية بن أبي سفيان.

وفي عام (45) هـ-(665) قام والي العراق أخ الخليفة الاموي معاوية زياد بن أبي سفيان الأموي بتولية الصحابي والقائد الأموي الحكم بن عمرو الغفاري على إقليم خراسان قام الحكم بن عمرو الغفاري عام (48)هـ-(668)م بفتح بلاد ما وراء النهر وهناك قام بفتح الصغانيان.

بعدها قام الولاة الأمويون الذي يحكمون المناطق الشرقية من الدولة الأموية بفتح العديد من المدن المهمة والتي تعد قواعد تجارية وعسكرية وذلك من أجل زيادة هيبة الدولة الأموية أمام بقية الدول ومنذ ذلك أصبحت من القوى المهيمنة على الدول الأخرى.

عندما توفي الخليفة يزيد بدأت الفتن والنزاعات تظهر في الدولة من جديد توقفت الحملات العسكرية والفتوحات في الكثير من المناطق وضاعت الكثير من أراضي الدولة، ففي آسيا الوسطى نقض الأتراك العهود وتراجعوا عن دفع الجزية للمسلمين، بقيت الأمور هكذا حتى بايع المسلمون أمير المؤمنين عبد الملك بن مروان في بداية العقد الثامن من القرن الهجري الأول.

تمكن عبد الملك بن مروان والذي أُطلق علية المؤسس الثاني للدولة الأموية، السيطرة من جديد على خراسان، وعين والي لها هو أمية بن عبد الله بن خالد الأموي، ومن هنا بدأت الدولة تستعيد عافيتها، وبدأت الفتوحات فقام بفتح بخارى والختل، ثم قام الخليفة عبد الملك بشمل خراسان لحكم الحجاج بن يوسف الثقفي فعين الحجاج المهلب بن أبي صفرة والذي قام بحملة كبيرة من الفتوحات، ثم قام بتولية أبناءه يزيد بن المهلب والمفضل بن المهلب، والذين قاموا بفتح الكثير من المدن.

لم تقدر الخلافة المحافظة على هذه الفتوحات وكان الأتراك ينقضون المعاهدات مع المسلمين ويتمردون باستمرار، وقرر الحجاج عزل المفضل بن المهلب عام (86) هـ-(705) وعين على خراسان قتيبة بن مسلم الباهلي، والذي بدوره بدأ عهد جديد من  الفتوحات في بلاد ما وراء النهر، واستطاع قتيبة الانتصار  على مدى (10) سنين بحيث استطاع السيطرة على كل آسيا الوسطى.

واستطاع قتيبة بن مسلم الباهلي من استرداد الكثير من المناطق التي كانت تابعة للدولة الأموية، وتمكن من الوصول إلى مناطق لم يفتحها أحد قبله ونشر الإسلام في كل تلك المناطق، وأثبت وجوده عقد معه ملوك تلك المناطق الاتفاقيات ومنهم من استسلم له قبل ان يقوم بفتح بلادهم.

وبفضل هذا القائد المسلم دخل أغلبية الأتراك إلى الديانة الإسلامية، وكانت هذه المنطقة من عواصم العلم عند المسلمين بمختلف العلوم، والأهم من ذلك ولادة  دولة السلاجقة والدولة العثمانية، واستطاع الوصول إلى الصين وجعل ملكها يدفع الجزية، وكان عنه نية بفتح باقي بلاد الصين وما يوجد بعدها من دول إلا أنّه توفي حينها.


شارك المقالة: