أركان الدولة في علم الاجتماع السياسي

اقرأ في هذا المقال


أركان الدولة في علم الاجتماع السياسي:

1- أفراد المجتمع:

العنصر الأساس الأول في بناء الدولة هو وجود سلسلة من الأشخاص، ويطلق عليهم كلمة الشعب، وهم السكان الذين ينتمون ويتكيفون في إطار الدولة، ولكي تستطيع تلك الجماعات أن تتكيف مع بعضها البعض، فيجب أن تتوافر عندهم الرغبة في ذلك، وتلك الرغبة تأتي من عوامل متنوعة، كالتجاوز، والتشابه في التقاليد والاشتراك في الطموحات ووحدة الأصل، واللغة وأن كان لا يشترط بالضرورة توافر هذه العوامل مجتمعة.

وقد اهتم ممتلكين وأصحاب نظرية العقد الاجتماعي على أن تكوين الدولة ينشأ بالأساس على وجود سلسلة من المواطنين أو الجماعات التي يكون بينها تنظيم اجتماعي محدد، يعتمد إلى الشرعية القانونية، ووجود التزام متبادل بين الحكام والمحكومين، في حين أن ذلك لا يتم إلا في إطار الرغبة التي تشترك بين أشخاص الجماعات في التكيف مع بعضهم البعض بالصورة التي تجعلهم يحسّون بالولاء للدولة.

وإذا كانت الرغبة المشتركة في التكيف عند السكان، من أجل حمايتهم ونيل حقوقهم وإشباع حاجاتهم المختلفة، تعد عاملاً مهماً لقيام الدولة، فإن العوامل الأخرى ليست بالضرورة أن تتواجد مجتمعة، فليس من الضروري أن يتكون السكان من قومية واحدة، فهناك الكثير من الدول الحديثة التي تكونت بالرغم من تعدد قوميات شعوبها وأفرادها، مثل ألمانيا وبريطانيا وغيرها من الدول، التي تشكلت شعوبها نتيجة لتأثير الحروب أو الهجرة الجماعية أو الفردية.

وهذا الأمر ينطبق أيضاً على الدين واللغة، كما أنه لا يشترط عدد معين من الأفراد، فحجم السكان قد يزيد أو ينقص حسب الظروف المتاحة لكل دولة، تأسيساً على المعطيات التي ذكرناها، فقد يكون حجم السكان بالآلاف، كما في بعض دول الخليج العربي، وقد يكون بالملايين في بعض الدول الأخرى، وقد يصل إلى المليار أو أكثر.

لكن إذا نظرنا من الناحية القانونية، فإن الدول متساوية رغم اختلاف عدد سكانها، أما من ناحية التأثير السياسي والاقتصادي، وفاعلية المجتمع، وتقدم ورفاهية أفراده، فإن حجم السكان خاصة في الدول الحديثة له تأثير ملحوظ، ويعد من أهم مميزاتها وخصائصها التي تميزها عن دولة المدينة التي سادت إبان الحضارة اليونانية القديمة.

2- الإقليم:

يعد الإقليم أحد العناصر الثلاثة الضرورية، في إنشاء الدولة إذ أنه لا يكفي وجود سلسلة متصلة من الأفراد لنهوض دولة حتى وإن توافرت لها الخصائص الرائعة، إذ لا بدّ من وجود مكان معين من الأرض يثبتون عليها، ويزاولون نشاطاتهم فوقها بصورة دائمة، كي يمكن قيام الدولة وهذا ما يسمى بإقليم الدولة، ووجوده شرط مهم لنهوضها، حيث أنه يتمثل النطاق الأرضي والحيز المائي والمجال الجوي أو الهوائي، الذي تباشر عليه الدولة سيادتها، وتفرض في إطاره نظمها وقوانينها، وبذلك فإنه لا يمكن أن تكون هناك سلطتين ذات سيادة على إقليم واحد.

ومن أهم عناصر الإقليم، الإقليم الأرضي كما أنه ليس هناك تحديد من حيث العدد للأشخاص الذين يكونون الدولة، كذلك ليس هناك تحديد لمساحة الإقليم الذي تقام عليه الدولة، فقد يكون إقليماً كبيراً مترامي الجوانب، وقد يكون إقليماً قليل المساحة، وذلك لا يؤثر على ذات الدولة القانونية، إلا أنه يؤثر في كيانها من الجانب السياسي، حيث أن المساحة الأرضية القليلة لإقليم الدولة سيؤدي يقيناً إلى تلاشي أهمية هذه الدولة والتقليل من مكانتها في العالم، وبالمقابل فكلما كانت مساحة إقليم الدولة كبيرة، كلما كان ذلك عاملاً مساعداً على تزايد قوة الدولة.

3- السلطة السياسية:

يقضي قيام الدولة إلى جانب الشعب والإقليم، وجود سلطة سياسية، أي وجود هيئة حاكمة تتولى تنظيم شؤون الأفراد في الدولة، والعمل على تحقيق الأهداف المشتركة، وذلك عن طريق رسم السياسات والتوجيه والإشراف على كل ما يحقق ذلك، من حكم الفرد أو الحزب، إلى الديمقراطيات التقليدية، وصولاً إلى سلطة الشعب، التي تسمح كل أفراد المجتمع إنشاء القرارات وأيضاً تنفيذها، عن طريق المؤتمرات الشعبية واللجان الشعبية، ومهما كان شكل السلطة السياسية، فلا بدّ من قيامها بتنظيم العلاقات بين الأفراد في إطار الدولة، والقيام بإدارة مؤسساتها، واستغلال مواردها لمصلحة كل المواطنين، وحمايتهم من كل عدوان خارجي.

إن السلطة أو الهيئة الحاكمة، كما يشير إلى ذلك بعض الكتّاب، بأي شكل كانت وأي أسلوب اتبعت، تصبح العنصر الهام الذي يميز الدولة كمجتمع بشري عن التجمعات البشرية الأخرى، إلا أن ما لا نتوافق معه، هو الدمج المبيّن بين مصطلحي السلطة والهيئة الحاكمة أو الحكومة، حيث يذهب أولئك الباحثين إلى أن الهيئة الحاكمة هي التي تمارس السلطة على أفراد الشعب في الدولة المستقلة ذات السيادة، والأمر الصحيح، هو أن السلطة للشعب، كل الشعب، لا لهيئة حاكمة تكون نائبة عنه وتمارس السلطة بإسمه.


شارك المقالة: