أساليب الأنثروبولوجيا المعرفية

اقرأ في هذا المقال


الأنثروبولوجيا المعرفية لأنها مجال متعدد التخصصات، لها العديد من الدراسات وطرق التحقق الموجودة تحت تصرفها. حيث قام عالما الأنثروبوبلوجيا كلاهر وسيمون أولاً بتمييز الدراسات التاريخية والدراسات العملية والملاحظة المباشرة والنمذجة الحاسوبية، وإظهار كيف يكمل كل منهما الآخر. والطريقة الرئيسية للأنثروبولوجيا المعرفية للعلم هي الملاحظة المباشرة، وهو ما كان يطلق عليه علماء الأنثروبولوجيا ملاحظة المشاركين.

مقدمة عن الأنثروبولوجيا المعرفية:

الأنثروبولوجيا المعرفية: هي نهج ضمن الأنثروبولوجيا الثقافية والأنثروبولوجيا البيولوجية والتي تسعى من خلال العلماء لشرح أنماط المعرفة المشتركة، كالأنماط الثقافية والابتكار، ونقل المعرفة عبر الزمان والمكان باستخدام أساليب ونظريات من العلوم المعرفية، وخاصة علم النفس التجريبي وعلم النفس المعرفي، وفي كثير من الأحيان من خلال تعاون وثيق مع المؤرخين وعلماء الإثنوغرافيا وعلماء الآثار واللغويين وعلماء الموسيقى وغيرهم من المتخصصين المشاركين في الوصف والتفسير من الأشكال الثقافية.

كما أن الأنثروبولوجيا المعرفية معنيّة بما يعرفه الناس من مجموعات مختلفة، وكيف تغير هذه المعرفة الضمنية، بمعنى ما يفكرون به دون وعي، والطريقة التي يدرك بها الناس العالم من حولهم ويرتبطون به.

نطاق الأنثروبولوجيا المعرفية:

تدرس الأنثروبولوجيا المعرفية مجموعة من المجالات بما في ذلك التصنيفات الشعبية، وتفاعل اللغة والفكر، والنماذج الثقافية. فمن وجهة نظر علم اللغة، تستخدم الأنثروبولوجيا المعرفية اللغة كمدخل لدراسة الإدراك. ويكمن هدفها العام في تقسيم اللغة لإيجاد القواسم المشتركة في الثقافات المختلفة والطرق التي ينظر بها الناس إلى العالم. ويمكن تقسيم الدراسة اللغوية للأنثروبولوجيا المعرفية إلى ثلاثة حقول فرعية: علم الدلالة، النحو، البراغماتية.

أساليب الأنثروبولوجيا المعرفية:

على عكس الأساليب الإثنوغرافية التقليدية في الأنثروبولوجيا الثقافية، تستخدم الأنثروبولوجيا المعرفية في المقام الأول المنهجيات الكمية من أجل دراسة الثقافة. ونظرًا لاهتمام المجال بتحديد المعرفة المشتركة، فقد تم استخدام تحليل الإجماع باعتباره المقياس الإحصائي الأكثر استخدامًا. وأيضاً من أحد الأساليب المستخدمة هو تحليل الشبكة الثقافية، وهو رسم شبكات من الأفكار المترابطة التي يتم تقاسمها على نطاق واسع بين أفراد المجتمع. وفي الآونة الأخيرة كان هناك بعض التبادل بين علماء الأنثروبولوجيا المعرفية وأولئك الذين يعملون في مجال الذكاء الاصطناعي.

تحليل الإجماع الثقافي:

تحليل الإجماع الثقافي: هي منهج لتجميع البيانات أي التجميع ودمج المعلومات، الذي يقدم دعم لمجال قياس وتقييم الاعتقادات على أنها ثقافية مشتركة على نحو ما من خلال مجموعة من الأشخاص. وتقوم نماذج الإجماع الثقافي بتوجيه تجميع الردود من الأفراد لتقدير الإجابات المناسبة ثقافيًا لسلسلة من الأسئلة ذات الصلة (عندما تكون الإجابات غير معروفة) والكفاءة الفردية (الكفاءة الثقافية) في الإجابة على هذه الأسئلة. كما أن النظرية قابلة للتطبيق عندما يكون هناك اتفاق كاف بين الناس على افتراض وجود مجموعة واحدة من الإجابات. يتم استخدام الاتفاق بين أزواج الأفراد لتقدير الكفاءة الثقافية الفردية. يتم تقدير الإجابات من خلال ترجيح ردود الأفراد حسب كفاءتهم ثم دمج الردود.

تفترض نظرية الإجماع الثقافي أن المعتقدات الثقافية يتم تعلمها ومشاركتها بين الناس، وأن هناك فهمًا مشتركًا لما يدور حوله العالم والمجتمع؛ نظرًا لأن كمية المعلومات في ثقافة ما كبيرة جدًا بحيث يتعذر على أي فرد إتقانها، فإن الأفراد يعرفون مجموعات فرعية مختلفة من المعرفة الثقافية ويختلفون في كفاءتهم الثقافية، ويمكن تقدير المعتقدات أو المعايير الثقافية المشتركة فيما يتعلق بالإجابات من خلال تجميع الردود عبر عينة من أعضاء الثقافة، وعندما تكون الاتفاقية قريبة من المطلق، يكون تقدير الإجابات مباشرًا.

تحليل الشبكة الثقافية:

تحليل الشبكة الثقافية: هي عملية التحقيق في الهياكل الثقافية من خلال استخدام الشبكات ونظرية الرسم البياني، حيث تم استخدام التحليل باعتباره المقياس الإحصائي الأكثر استخدامًا، واحدة من التقنيات المستخدمة في الأنثروبولوجيا المعرفية، وتحليل الشبكة تحديد الأنماط المحلية والعالمية وتحديد مواقع الكيانات المؤثرة وفحص ديناميكيات الشبكة الاجتماعية وتحليلها، وتحليل الشبكة هو أداة إحصائية لاكتشاف وقياس النقل الاجتماعي للمعلومات أو السلوك في الشبكات الاجتماعية.

مناصرة الأنثروبولوجيا المعرفية:

طرح عالم الأنثروبولوجيا جيوفاني بيناردو ثلاث فئات من البيانات في عام 2013 تستدعي التجميع، حيث يجمع علماء الأنثروبولوجيا المعرفية البيانات الإثنوغرافية واللغوية والتجريبية، والتي يتم تحليلها كميًا، على سبيل المثال، توفر الطقوس الطبية المزيد من البيانات المباشرة التي تُعلم التحليل اللغوي وإلقاء نظرة ثاقبة على الدوافع المعرفية، ومن ثم تشابه المجال مع النسبية اللغوية، وبالنسبة إلى المدافعين، يعتبر العقل جانبًا ثقافيًا والذي يولد اللغة التي توفر نظرة ثاقبة للإدراك البشري.

كما أشار دعاة آخرون لتصنيف الأنثروبولوجيا المعرفية مع العلوم المعرفية إلى أن علم النفس المعرفي يفشل في تضمين العديد من المجالات التي تقوم بها الأنثروبولوجيا المعرفية، ومن ثم دورها المحوري في العلوم المعرفية، حيث يشير عالم علم النفس جيمس إس بوستر، إلى أنه بينما يدرس علم النفس المعرفي عملية تفكير الإنسان، تدرس الأنثروبولوجيا المعرفية ما يفكر فيه البشر المختلفون تمامًا وما يشعرون به وما يدركونه من تلقاء أنفسهم في الثقافة المحيطه في بيئات مختلفة.

نقد الأنثروبولوجيا المعرفية:

1- كان هناك صراع طويل الأمد بين علماء الإدراك وعلماء الأنثروبولوجيا المعرفية حول تقاطع مجالات تخصصهم، حيث تلقى التجميع الكثير من ردود الفعل العنيفة في الأدبيات، مثل إدوارد إيفانز بريتشارد على أساس المنهجية والموضوع.

2- كما انتقد علماء النفس المعرفي علماء الأنثروبولوجيا المعرفية بسبب أساليبهم البحثية الفوضوية، مثل تشكيل أدوات المراقبة واكتساب البيانات باستخدام اللغة التي يستخدمها السكان الأصليون في مقابلاتهم مع العاملين الميدانيين.

3- كما تم عزل الأنثروبولوجيا المعرفية عن بقية الأنثروبولوجيا الثقافية؛ لأنه يُنظر إليها على أنها كمية وعلمية أكثر من اللازم بالنسبة إلى جمالية ما بعد الحداثة السائدة، بينما يُنظر إليها في الوقت نفسه على أنها تاريخية إثنوغرافية وطبيعية للغاية بالنسبة لأذواق الإنتاج الأنظف.

4- قلل بعض العلماء الإدراكيين من تأثير الأنثروبولوجيا المعرفية في العلوم المعرفية، والتي نوقشت على نطاق واسع من قبل سيغارد بيلر وأندريا بندر ودوغلاس ميدين في مجلة جمعية العلوم المعرفية، حيث يُعزون هذا الرفض إلى افتقار الأنثروبولوجيا المعرفية إلى المصداقية كمجموعة فرعية من العلوم النفسية، والتركيز على الروايات المشتركة عبر الثقافات المختلفة بدلاً من العقل الفردي وصعوبة النشر.

5- كما إنهم يسعون جاهدين للحصول على رؤى تشرح شيئًا ما عن العقل البشري بشكل عام، وبالتالي يعتبرون المقارنات بين الثقافات مجرد وسيلة واحدة لاختبار الافتراضات على المسلمات.

6- عارض النقاد أيضًا الطبيعة العلمية للأنثروبولوجيا المعرفية بشكل عام، حيث جادلوا بأنها تدرس محتوى الفكر بدلاً من العملية، والتي تركز عليها العلوم المعرفية، حيث أدت المقاومة من الحقول الفرعية الأكثر رسوخًا للأنثروبولوجيا الثقافية إلى تقييد الموارد والحيازة لعلماء الأنثروبولوجيا المعرفية.

دمج منهجيات الأنثروبولوجيا المعرفية في أبحاث أنثروبولوجية أوسع:

في السنوات الأخيرة، تم دمج منهجيات الأنثروبولوجيا المعرفية في أبحاث أنثروبولوجية أوسع، مع وجود عدد قليل من الأقسام التي تقدم الأنثروبولوجيا المعرفية كمجال دراسي متميز، حيث يمكن لعلماء الأنثروبولوجيا المهتمين بالإدراك أن يتطلعوا إلى مجال العلوم المعرفية متعدد التخصصات، والذي يركز بشكل متزايد على التقدم في علم الأعصاب واللغويات المعرفية وعلوم الكمبيوتر، لا سيما فيما يتعلق بتطوير الذكاء الاصطناعي، وقد أثبتت الأنثروبولوجيا الطبية أيضًا أنها أرض خصبة لتطوير الأساليب المعرفية والفهم العملي لتأثير النماذج الثقافية للمرض والرفاهية.

المصدر: محمد الجوهري، مقدمة في دراسة الأنثروبولوجيا، 2007محمد الجوهري، الأنثروبولوجيا الاجتماعية، 2004ابراهيم رزقانة، الأنثروبولوجيا، 1964كاظم سعد الدين، الأنثروبولوجيا المفهوم والتاريخ، 2010


شارك المقالة: