لقد أصبح وجود مؤسسات ومراكز رعاية المسنين ضرورة حتمية، لمواجهة التغيرات الاجتماعية والاقتصادية في المجتمعات الإنسانية المختلفة، حيث يلجأ العديد من كبار السن وأسرهم إلى مراكز الرعاية الاجتماعية لتقديم العناية لهم، بعد أن أصبحت مشكلة إيوائهم تشكل عبئاً اجتماعياً واقتصادياً ونفسياً من وجهة نظر أسرهم.
أسباب وجود مراكز رعاية المسنين في الخدمة الاجتماعية
تعود أسباب ظهور مراكز رعاية المسنين إلى التحولات الاجتماعية والاقتصادية التي شهدتها الأسرة خاصة عند تحولها من الأسرة الكبيرة الممتدة إلى الأسرة الصغيرة النووية وتخليها عن رعاية مسنيها، وتراجع دورها التقليدي في رعايتها لكبار السن نظراً لخروج المرأة للعمل وتغير الدور الذي كانت تقوم به، مما أوجد صعوبة في توفير الرعاية الكاملة لكبار السن والأطفال.
وهذا التغيير أدى إلى التحول من قيم التماسك والتلاحم الاجتماعي إلى قيم المدينة كالاستقلالية، وغياب تضامن الأجيال بخصوص توفير مستلزمات الرعاية داخل الأسرة، وهناك عوامل أخرى أيضاً أدت إلى تغير دور أفراد الأسرة اتجاه كبير السن كالتزامات الأسرة المعاصرة، وتعقيدات الحياة اليومية، والتفكك الأسري، وحالة المسن الصحية والاقتصادية.
وتؤدي كل هذه التحولات في بعض الأحيان إلى ظهور العديد من المشكلات، مثل فقدان المكانة الاجتماعية والمعاناة النفسية والصحية نتيجة سوء المعاملة الأسرية، وفي بعض الأحيان فقدان التقدير الاجتماعي والاحترام والأمن النفسي والاجتماعي مما يجعلهم غير قادرين على التكيف مع الواقع الجديد.
كما أن تعير المجتمع من البساطة إلى الغموض لاقى بدوره صعوبة في تعايش كبار السن مع مستجدات الحياة، وتزايد الاهتمام بالتصنيع والتكنولوجيا وانشغال الأبناء لفترة أطول في العمل مما أفرز الشعور بالاغتراب لدى كبير السن، وأيضاً الهجرة من الريف إلى المدينة بغرض تحسين مستوى المعيشة والبحث عن الحياة اللائقة خلق لدى كبير السن الشعور بفراغ كبير بعد أن كان يقضي وقت فراغه في خدمة الأرض.
ولعل العامل الأساسي في دخول كبار السن مراكز الرعاية الاجتماعية هو انتشار ظاهرة المساكن الصغيرة مما أثر في عدم إمكانية اتساعها لأفراد الأسرة، وقلة فاعلية الجماعات والعلاقات الأولية نظراً لزيادة التخصص وتقسيم العمل مما يصعب على المسن التكيف مع البيئة الجديدة.
